الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق [ ص: 200 ] قال: حدثني محمد بن أبي محمد، عن سعيد بن جبير، أو عكرمة، عن ابن عباس " أن الوليد بن المغيرة اجتمع ونفر من قريش وكان ذا سن فيهم، وقد حضر المواسم، فقال: إن وفود العرب ستقدم عليكم فيه، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأيا واحدا ولا تختلفوا، فيكذب بعضكم بعضا، ويرد قول بعضكم بعضا.

                                        فقالوا: فأنت يا أبا عبد شمس، فقل، وأقم لنا رأيا نقوم به، فقال: بل أنتم فقولوا أسمع، فقالوا: نقول كاهن، فقال: ما هو بكاهن، لقد رأيت الكهان فما هو بزمزمة الكهان، فقالوا: نقول: مجنون، فقال: ما هو بمجنون ولقد رأينا الجنون، وعرفناه فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته.

                                        قالوا: فنقول: شاعر، قال: ما هو بشاعر، قد عرفنا الشعر برجزه، وهزجه، وقريضه، ومقبوضه، ومبسوطه، فما هو بالشعر.

                                        قالوا: فنقول: ساحر قال: فما هو بساحر: قد رأينا السحار وسحرهم، فما هو بنفثه ولا عقده، فقالوا: ما نقول يا أبا عبد شمس؟ قال: والله، إن لقوله حلاوة، وإن أصله لغدق وإن فرعه لجنا، فما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل، وإن أقرب القول لأن تقولوا: ساحر فتقولوا: هو ساحر يفرق بين المرء وبين أبيه، وبين المرء وبين أخيه، وبين المرء وبين زوجته، وبين المرء وعشيرته، فتفرقوا عنه بذلك، فجعلوا يجلسون للناس حين قدموا الموسم، لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه، وذكروا لهم من أمره فأنزل الله عز وجل في الوليد بن المغيرة وذلك من [ ص: 201 ] قوله: ذرني ومن خلقت وحيدا - إلى قوله - سأصليه سقر .

                                        وأنزل الله عز وجل في النفر الذين كانوا معه ويصفون له القول في رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من عند الله: الذين جعلوا القرآن عضين أي أصنافا فوربك لنسألنهم أجمعين أولئك النفر الذين يقولون ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم لمن لقوا من الناس قال وصدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشر ذكره في بلاد العرب كلها ".


                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية