الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ رحمه الله، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، قال: حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق بن يسار قال: " فلما أراد الله عز وجل إظهار دينه، وإعزاز نبيه صلى الله عليه وسلم وإنجاز موعده له، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموسم الذي لقيه فيه النفر من الأنصار، فعرض نفسه على قبائل العرب، كما كان يصنع كل موسم، فبينما هو عند العقبة لقي رهطا من الخزرج أراد الله بهم خيرا.

                                        قال ابن إسحاق: حدثنا عاصم بن عمر بن قتادة، عن أشياخ من قومه [ ص: 434 ] ، قالوا: لما لقيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: ممن أنتم؟ قالوا: نفر من الخزرج.

                                        قال: أمن موالي يهود؟ قالوا: نعم , قال: أفلا تجلسون أكلمكم؟ قالوا: بلى.

                                        قال: فجلسوا معه، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله عز وجل وعرض عليهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن، وكان مما صنع الله لهم في الإسلام أن يهود كانوا معهم ببلادهم، وكانوا أهل كتاب وعلم، وكانت الأوس والخزرج أهل شرك وأصحاب أوثان، فكانوا إذا كان بينهم شيء، قالت اليهود: إن نبيا مبعوث الآن قد أظل زمانه نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم.

                                        فلما كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر ودعاهم إلى الله عز وجل قال بعضهم لبعض: يا قوم اعلموا والله أن هذا النبي الذي توعدكم به يهود فلا تسبقنكم إليه، فأجابوه لما دعاهم إلى الله عز وجل، وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام وقالوا له: إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، وعسى الله عز وجل أن يجمعهم الله بك وسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين، فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك.

                                        ثم انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين إلى بلادهم قد آمنوا وصدقوا وهم فيما يزعمون ستة نفر من الخزرج منهم من بني النجار: أسعد بن زرارة، وهو أبو أمامة، وعوف بن مالك بن رفاعة، ورافع بن مالك بن العجلان، وقطبة بن [ ص: 435 ] عامر بن حديدة، وعقبة بن عامر بن زياد، وجابر بن عبد الله، وذكر أنسابهم إلا أني اختصرتها.

                                        قال: فلما قدموا المدينة إلى قومهم ذكروا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوهم إلى الإسلام حتى فشا فيهم، فلم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان العام المقبل أتى الموسم اثنا عشر رجلا من الأنصار، فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة، وهي العقبة الأولى، فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء، قبل أن تفترض الحرب، منهم: أسعد بن زرارة، وعوف ومعاذ ابنا الحارث، ورافع بن مالك، وذكوان بن عبد قيس، وعبادة بن الصامت، ويزيد بن ثعلبة، وعباس بن عبادة بن نضلة، وعقبة بن عامر، وقطبة بن عامر، وأبو الهيثم بن التيهان، وعويم بن ساعدة حليفان لهم
                                        وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ الإسفراييني قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي، قال: حدثنا نصر بن علي، قال: حدثنا وهب بن جرير بن حازم، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال: حدثني رجل من قومه أنه بينما نفر منهم قد رموا الجمرة , ثم انصرفوا عنها اعترضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ممن أنتم؟ قالوا: من الخزرج.

                                        فذكر الحديث بمعنى رواية يونس، إلا أنه عد في الستة عوف ابن عفراء، ومعاذ ابن عفراء بدلا من عوف بن مالك، وعقبة بن عامر.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية