الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 312 ] 643 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة .

4122 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق حدثنا أبو عاصم ، عن زكريا بن إسحاق ، عن عمرو بن دينار ، عن سليمان بن يسار قال أبو جعفر : هكذا قال . عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة .

4123 - وحدثنا أبو أمية حدثنا محمد بن سابق حدثنا ورقاء بن عمر اليشكري ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء بن يسار . [ ص: 313 ] عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي عليه السلام مثله .

4124 - وحدثنا محمد بن علي بن داود ، قال : حدثنا أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن ورقاء ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء بن يسار . عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مثله .

4125 - حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن الفريابي حدثنا هريم بن مسعر الأزدي الترمذي حدثنا الفضيل بن عياض ، عن زياد بن سعد ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .

[ ص: 314 ]

4126 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس حدثنا أحمد بن المقدام حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء بن يسار . عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .

4127 - حدثنا محمد بن النعمان السقطي حدثنا أبو مصعب الزهري حدثنا عبد العزيز ، عن إسماعيل بن إبراهيم بن مجمع الأنصاري ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء بن يسار . عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .

4128 - وحدثنا فهد حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح حدثني الليث ، عن عبد الله بن عياش القتباني ، عن أبيه ، عن أبي تميم .

عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا التي أقيمت لها .

[ ص: 315 ]

4129 - وحدثنا أبو قرة محمد بن حميد الرعيني حدثنا عبد الله بن صالح ، ثم ذكر بإسناده مثله .

قال فتأملنا هذا الحديث في أسانيده إذ كان بعض رواته أعني من حديث عمرو بن دينار قد أوقفوه على أبي هريرة ولم يرفعوه إلى رسول الله عليه السلام منهم سفيان بن عيينة .

كما حدثنا عبد الغني بن أبي عقيل حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء بن يسار سمع أبا هريرة يقول فذكر مثله ولم يرفعه .

ومنهم حماد بن سلمة وحماد بن زيد

كما حدثنا بكار بن قتيبة قال : حدثنا أبو عمر الضرير ، قال : حدثنا حماد بن سلمة وحماد بن زيد ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء بن يسار . عن أبي هريرة مثله ولم يرفعه .

[ ص: 316 ]

وكما حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا حميد بن مسعدة حدثنا حماد بن زيد ، عن عمرو ، عن عطاء بن يسار . عن أبي هريرة مثله ولم يرفعه .

وكما حدثنا إسحاق حدثنا أحمد بن إشكاب حدثنا يزيد بن هارون حدثنا حماد بن زيد ، عن عمرو ، عن عطاء . عن أبي هريرة مثله ولم يرفعه ، قال حماد : فكان أيوب يرفعه ، عن عمرو بن دينار .

[ ص: 317 ] فطلبنا حقيقة الأمر في ذلك فوجدنا حديث عطاء بن يسار هذا إنما يدور على عمرو بن دينار ووجدنا عمرو بن دينار قد روي عنه فيه .

4130 - ما قد حدثنا محمد بن علي بن زيد المكي حدثنا سعيد بن منصور حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء بن يسار . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة قال سعيد فقلت لسفيان : أمرفوع ؟ قال : يرى عمرو أنه مرفوع .

فعاد حديث عمرو بن دينار إلى أنه مشكوك فيه أمرفوع هو أو غير مرفوع فانتفى بذلك أن يكون فيه حجة في هذا الباب ولم نجد في هذا الباب ما هو حجة فيه وغير مشكوك في رفعه غير حديث أبي قرة وفهد الذي رويناه عنهما عن عبد الله بن صالح في هذا الباب ، وقد روي أيضا في هذا الباب عن عمرو بن دينار من غير حديث من رويناه عنه أيضا .

4131 - ما قد حدثنا محمد بن علي بن داود حدثنا داود بن عمرو الضبي حدثنا محمد بن مسلم ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء بن يسار . [ ص: 318 ] عن أبي هريرة رضي الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة .

فالذي رويناه عن عمرو بن دينار من شك فيه أمرفوع هو أو غير مرفوع ما يدفع هذا الحديث أيضا أن يكون فيه حجة .

وقد روي أيضا في هذا الباب حديث آخر يرجع إلى ابن عمر .

4132 - كما حدثنا أبو أمية حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي حدثنا عبد الله بن مروان الدمشقي وكان ثقة ، عن ابن أبي ذئب ، عن نافع . عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة غير أنا لا نقنع في مثل هذا بتزكية من زكى هذا الرجل الذي لا نعرفه ممن روى هذا الحديث وكان فيما تقدم منا في الباب الذي قبل هذا الباب منع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أن يصلوا ركعتي الفجر في [ ص: 319 ] المسجد الذي تصلى فيه صلاة الفجر قبل الصلاة ، وإذا كان ذلك كذلك كانا بعد أن تقام الصلاة في المنع منهما في المسجد أوكد .

فغنينا بذلك عما رويناه في هذا الباب من هذه الآثار المشكوك فيها ووجب علينا التمسك بما أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركعتي الفجر أن نصليهما في منازلنا قبل أن نأتي المسجد لصلاة الفجر حتى نصليها فيه وكان ذلك عندنا والله أعلم ما لم تكن ضرورة تحول بيننا وبين ركعتي الفجر أن نصليهما في منازلنا حتى نأتي المسجد إذ كنا قد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس صلى حين حلت الصلاة له بعد أذان بلال لها ركعتي الفجر ، ثم صلى صلاة الفجر فكان ذلك منه في موطن واحد ; لأنه لم يكن له حينئذ فيما هناك منزل فدل ذلك على إباحة صلاتهما في الموطن الذي يصلى فيه صلاة الفجر عند مثل هذه الضرورة التي دعت إلى ذلك ، وقد ذكرنا ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فيما تقدم منا في كتابنا هذا .

وقد وجدنا عن غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلاهما في المسجد بعدما أقيمت صلاة الفجر لضرورة دعته إلى ذلك منهم عبد الله بن مسعود وبمحضر من حذيفة ومن أبي موسى لذلك ولم ينكراه عليه فدل ذلك على متابعتهما إياه عليه .

كما حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني حدثنا عبد الرحمن بن زياد حدثنا زهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق حدثنا عبد الله بن أبي موسى ، [ ص: 320 ] عن أبيه حين دعاهم سعيد بن العاص دعا أبا موسى وحذيفة وعبد الله بن مسعود قبل أن يصلي الغداة فسألهم : كيف تصلى صلاة العيد ؟ فأجابه عبد الله بما أجابه به فيه ، ثم خرجوا من عنده وقد أقيمت الصلاة فجلس عبد الله إلى أسطوانة من المسجد فصلى الركعتين ، ثم دخل في الصلاة .

وكان ذلك والله أعلم على الضرورة التي دعته إلى ذلك إذ كان قد يحتمل أن يكون سعيد دعاهم في الليل وامتد بهم الأمر عنده إلى وقت لم يكونوا يظنون أن الأمر يمتد بهم عنده إلى ذلك الوقت فدعته الضرورة إلى أن صلى تينك الركعتين في ذلك الوقت في ذلك المكان كراهة منه أن تفوتاه لما قد حضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما ولما قد أخبرهم من الفضل لهم فيهما .

4133 - كما حدثنا فهد بن سليمان حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني حدثنا أبو عوانة ، عن قتادة ، عن زرارة بن أوفى ، عن سعد بن هشام .

عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها .

[ ص: 321 ]

4134 - وكما حدثنا ابن أبي داود حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي حدثنا خالد بن عبد الله ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن محمد بن زيد بن قنفذ ، عن ابن سيلان . عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تتركوا ركعتي الفجر وإن طردتكم الخيل .

4135 - وكما حدثنا بكار بن قتيبة حدثنا مسدد حدثنا يحيى بن سعيد ، عن ابن جريج حدثني عطاء ، عن عبيد بن عمير .

عن عائشة رضي الله عنها قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على الركعتين قبل الصبح .

[ ص: 322 ]

4136 - وكما حدثنا ابن أبي داود حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا حفص ، عن ابن جريج ، ثم ذكر مثله بإسناده .

ومثل ذلك ما روي عن أبي الدرداء .

كما حدثنا فهد حدثنا أبو نعيم حدثنا مسعر بن كدام ، عن الوليد بن أبي مالك ، عن أبي عبد الله ، قال : حدثنا أبو الدرداء قال : إني لأجيء إلى القوم وهم في الصلاة صلاة الفجر فأصلي ركعتين ، ثم أضطم إلى الصفوف .

وذلك عندنا والله أعلم على ضرورة دعته إلى ذلك لا على [ ص: 323 ] اختيار منه له ولا على قصد قصد إليه وهو يقدر على ضده ، وهكذا ينبغي أن يمتثل في ركعتي الفجر في المكان الذي يصليان فيه ولا يتجاوز فيهما ما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما صححنا عليه هذه الآثار ، والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية