الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4585 ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق ، عن يزيد بن قسيط ، عن مسلم بن السائب ، عن أمه قالت: "لما توفي السائب ترك زرعا بقناة، ، فجئت ابن عمر فقلت: يا أبا عبد الرحمن، ، إن السائب توفي وترك ضيعة من زرع [ ص: 188 ] بقناة، ، وترك غلمانا صغارا، ولا حيلة لهم، وهي لنا دار ومنزل، أفأنتقل إليها؟ قال: لا تعتدي إلا في البيت الذي توفي فيه زوجك، اذهبي إلى ضيعتك بالنهار وارجعي إلى بيتك بالليل فبيتي فيه، فكنت أفعل ذلك".

                                                التالي السابق


                                                ش: ابن أبي داود هو إبراهيم، قد تكرر ذكره.

                                                والوهبي: هو أحمد بن خالد الكندي، شيخ البخاري في غير الصحيح.

                                                وابن إسحاق هو محمد بن إسحاق المدني .

                                                ويزيد بن قسيط: هو يزيد بن عبد الله بن قسيط المدني الأعرج، روى له الجماعة.

                                                ومسلم بن السائب بن خباب صاحب المقصورة، قال ابن حبان: هو من التابعين الثقات، وأدخله قوم في الصحابة ظنوا أن له صحبة، روى له النسائي في "اليوم والليلة".

                                                وأمه أم مسلم .

                                                وأخرجه مالك في "موطئه": عن يحيى بن سعيد: "أنه بلغه أن السائب بن خباب توفي، وأن امرأته جاءت إلى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- فذكرت له وفاة زوجها، وذكرت له حرثا لهم بقناة، وسألته: هل يصلح لها أن تبيت فيه، فنهاها عن ذلك، فكانت تخرج من المدينة سحرا فتصبح في حرثهم، فتظل فيه يومها ثم تدخل المدينة إذا أمست فتبيت في بيتها" .

                                                قوله: "لما توفي السائب" هو السائب بن خباب صاحب المقصورة، مولى فاطمة بنت عقبة بن ربيعة بن عبد شمس، له صحبة، توفي سنة سبع وستين.

                                                قوله: "بقناة" أي في قناة، قال ابن الأثير: القناة واد من أودية المدينة عليه حرث وزرع ومال، وقد يقال: وادي قناة وهو غير مصروف.

                                                قلت: للعلمية والتأنيث.

                                                [ ص: 189 ] قوله: "لا حيلة لهم" أي لا قوة لهم في العمل؛ لصغرهم.

                                                قوله: "أفأنتقل إليها" الهمزة فيه للاستفهام.

                                                قوله: "فبيتي" بكسر الباء، أمر للمؤنث من بات يبيت، وللمذكر: بت، كبع وبيعي.

                                                واستفيد منه: أن المتوفى عنها زوجها لا يجوز لها أن تنتقل من بيتها حتى تنقضي عدتها، وأن لها أن تخرج بالنهار لأجل ضروراتها، ولا تبيت إلا في منزلها.

                                                وعن محمد بن الحسن: أنه لا بأس أن تنام عن بيتها أقل من نصف الليل؛ لأن البيتوتة في العرف عبارة عن الكون في البيت أكثر الليل، فما دونه لا تسمى بيتوتة في العرف.




                                                الخدمات العلمية