الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4656 ص: فلما قال رسول الله -عليه السلام-: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد" فمنع النكاح من البطلان بعد وقوعه، وكذلك الطلاق، والمراجعة، ولم نر البيوع حملت على ذلك المعنى، بل حملت على ضده، فجعل من باع لاغيا كان بيعه باطلا، وكذلك إن أجر لاغيا كانت إجارته باطلة، فلم يكن ذلك عندنا إلا لأن البيوع والإجارات مما تنقض بالأسباب التي ذكرنا، فنقضت بالهزل كما نقضت بذلك، وكانت الأشياء الأخر من الطلاق والعتاق والرجعة لا تبطل بشيء من ذلك، فجعلت غير مردودة بالهزل.

                                                فكذلك أيضا في النظر ما كان ينقض بالأسباب التي ذكرنا ينقض بالإكراه، وما كان لا ينقض بتلك الأسباب لم ينقض بالإكراه.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذه إشارة إلى بيان وجه الاستدلال بهذا الحديث في وقوع طلاق المكره.

                                                بيانه: أنه -عليه السلام- منع النكاح والطلاق والرجعة من البطلان بعد وقوعها، وذلك لأنها مما لا ينقض بالخيار المشروط فيه، ولا ترد بالعيوب وبخيار الرؤية، فلا تنقض بالهزل؛ بخلاف البيوع والإجارات، فإنها مما ينقض بالهزل كما تنقض بتلك الأشياء، [ ص: 279 ] فإذا كان كذلك اقتضي وجه النظر والقياس أن لا ينقض طلاق المكره بالإكراه؛ لأنه مما لا ينقض بتلك الأشياء، بخلاف بيع المكره وشرائه فإنه ينقض؛ لأنه مما ينقض بتلك الأشياء.




                                                الخدمات العلمية