الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4503 ص: فكان من حجتنا عليهم في ذلك أن الله -عز وجل- قال في الأقراء: : ثلاثة قروء ولم يقل في الحج: : ثلاثة أشهر، ولو قال في ذلك: ثلاثة أشهر، فأجمعوا أن ذلك على شهرين وبعض شهر؛ ثبت بذلك ما قال المخالف لنا، ولكنه إنما قال: أشهر [ ص: 86 ] ولم يقل: ثلاثة، فأما ما حصره بالثلاثة فقد حصره بعدد معلوم، فلا يكون أقل من ذلك العدد، كما أنه لما قال: واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن فحصر ذلك بالعدد، فلم يكن ذلك على أقل من ذلك العدد، فكذلك لما خص الأقراء بالعدد فقال: ثلاثة قروء لم يكن ذلك على أقل من ذلك العدد.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذا تزييف للجواب المذكور ورد إياه، تقريره: أن "الأشهر" اسم عام لا علم فيقبل المجاز بإرادة النقص، كما في قوله تعالى: وإذ قالت الملائكة فإن المراد بالملائكة جبريل -عليه السلام- فقط، فأما أسماء الأعداد فلا يجوز فيه ذلك لكونها أعلاما، والأعلام لا يجزئ عنها المجاز.

                                                قوله: "لو قال في ذلك" أي لو قال الله عن الحج: الحج ثلاثة أشهر بالتنصيص على هذا العدد، ثم أجمع العلماء على أن المراد منها شهران وبعض شهر؛ كان قد ثبت بذلك ما يقوله الخصم، ولكنه إنما قال: أشهر والأشهر اسم عام يقبل المجاز كما ذكرنا.

                                                فإذا قيل: لو أريد بالقروء الحيض على ما ذكرتم، لزمكم ما ألزمتمونا به وهو الازدياد على الثلاثة؛ وذلك أنه إذا طلقها في الحيض لا يحتسب بتلك الحيضة إجماعا، فيجب ثلاثة أقراء وبعض، واسم الثلاثة لا يحتمل ذلك، فهذا معارضة بالمثل.

                                                قلت: إن ذلك الازدياد ثبت ضرورة وجوب التكميل فلا يعبأ به، إذ الحيضة الواحدة إجماعا لا تقبل التجزئة فوجب التكميل، والثابت لضرورة العمل بالنصوص لا يعد زيادة لتخلل الأطهار والحيض بين الثلاثة على اختلاف المذهبين.

                                                [ ص: 87 ] وقد اعترض بأن الثلاثة اسم خاص لا يحتمل الزيادة والنقصان بأي طريق كان.

                                                وأجيب بعد التسليم بذلك أن أحوال المسلمين محمولة على الصلاح ما أمكن، فالظاهر من حاله الإتيان بالمشروع وهو الطلاق في حالة الطهر، والاحتراز عن محظور دينه وهو الطلاق في الحيض، والله أعلم.




                                                الخدمات العلمية