الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4484 4485 4486 4487 4488 4489 4490 ص: ثم قد روي عن غيره من أصحاب رسول الله -عليه السلام- ما يوافق ذلك أيضا.

                                                حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال: ثنا سعيد بن منصور ، قال: ثنا سفيان ، وأبو عوانة ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن عبد الله: ، قال فيمن طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها، قال: "لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره".

                                                حدثنا ابن مرزوق ، قال: ثنا بشر بن عمر ، قال: ثنا شعبة ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله: ، " أنه سئل عن رجل طلق امرأته مائة فقال: ثلاثة تبينها منك، وسائرها عدوان".

                                                حدثنا يونس ، قال: أنا ابن وهب ، أن مالكا أخبره عن يحيى بن سعيد ، عن بكير بن الأشج ، عن النعمان بن أبي عياش الأنصاري ، عن عطاء بن يسار ، قال: "جاء رجل إلى عبد الله بن عمرو ، -رضي الله عنهما- فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثا قبل أن يمسها، فقال عطاء: : فقلت له: طلاق البكر واحدة، فقال عبد الله: : إنما أنت قاص، الواحدة تبينها، والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجا غيره".

                                                حدثنا فهد ، قال: ثنا ابن أبي مريم ، قال: أنا ابن لهيعة ، ويحيى بن أيوب ، قالا: ثنا ابن الهاد ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن عمرو ، قال: "الواحدة تبينها، والثلاث تحرمها". ) .

                                                حدثنا صالح ، قال: ثنا سعيد -هو ابن منصور- قال: ثنا أبو عوانة ، عن شقيق ، عن أنس قال: "لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره. . قال: وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إذا أتي برجل طلق امرأته ثلاثا؛ أوجع ظهره".

                                                حدثنا يونس ، قال: أنا سفيان ، عن عاصم بن بهدلة ، عن شقيق ، عن عبد الله بن مسعود ، -رضي الله عنه-: قال في الرجل يطلق امرأته البكر ثلاثا: "إنها لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره.

                                                [ ص: 61 ] حدثنا يونس، قال: أنا سفيان، حدثني شقيق ، عن أنس بن مالك ، عن عمر -رضي الله عنهما- مثله.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي ثم قد روي عن غير ابن عباس من الصحابة ما يوافق ما روي عن ابن عباس في وقوع الطلقات الثلاث بالتلفظ به؛ وأخرج في ذلك عن عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو بن العاص وأنس وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهم-.

                                                أما عن ابن مسعود فأخرجه من ثلاث طرق صحاح:

                                                الأول: عن صالح بن عبد الرحمن ، عن سعيد بن منصور ، عن سفيان الثوري وأبي عوانة الوضاح اليشكري، كلاهما عن منصور بن المعتمر ، عن أبي وائل شقيق بن سلمة الأسدي ، عن عبد الله .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" : عن ابن عيينة ، عن عاصم ، عن أبي وائل ، عن عبد الله .

                                                الثاني: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن بشر بن عمر الزهراني ، عن شعبة ، عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة ، عن عبد الله .

                                                وأخرجه من حديث وكيع ، عن سفيان ، عن منصور والأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة قال: "جاء رجل إلى عبد الله فقال: إني طلقت امرأتي مائة؟ قال: بانت منك بثلاث، وسائرهن معصية".

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" : نا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة، عن عبد الله قال: "أتاه رجل فقال: إني طلقت امرأتي تسعة وتسعين مرة، قال: فما قالوا لك؟ قال: قالوا: حرمت عليك، قال: فقال عبد الله: لقد [ ص: 62 ] أرادوا أن يبقوا عليك، بانت منك بثلاث وسائرهن عدوان" انتهى. أي: سائر المائة غير الثلاث ظلم وتعد؛ لأنه مخالف للكتاب والسنة.

                                                الثالث: عن يونس بن عبد الأعلى المصري ، عن سفيان بن عيينة ، عن عاصم بن بهدلة ، عن شقيق بن سلمة ، عن عبد الله بن مسعود .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن ابن عيينة ، عن عاصم ، عن أبي وائل شقيق بن سلمة ، عن عبد الله مثله.

                                                وأما عن عبد الله بن عمرو بن العاص، فأخرجه من طريقين صحيحين:

                                                الأول: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن مالك بن أنس ... إلى آخره.

                                                والنعمان بن أبي عياش هو أخو معاوية بن أبي عياش المذكور عن قريب، ذكره ابن حبان في الثقات من التابعين.

                                                وأخرجه مالك في "موطئه" .

                                                وقيل: إن هذا الحديث لبكير عن عطاء ولم يتابع مالكا أحد على ذكر النعمان في هذا الحديث.

                                                قلت: قال مسلم: والنعمان أقدم من عطاء بن يسار، أدرك عمر وعثمان -رضي الله عنهما-.

                                                الثاني: عن فهد بن سليمان ، عن سعيد بن الحكم المعروف بابن أبي مريم المصري شيخ البخاري ، عن عبد الله بن لهيعة ويحيى بن أيوب الغافقي المصري، كلاهما عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيخ مالك ، عن عطاء بن يسار الهلالي المدني القاص -مولى ميمونة زوج النبي -عليه السلام- عن عبد الله بن عمرو بن العاص .

                                                [ ص: 63 ] وأما عن أنس وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- فأخرجه من طريقين صحيحين أيضا:

                                                الأول: عن صالح بن عبد الرحمن ، عن سعيد بن منصور ، عن أبي عوانة الوضاح اليشكري ، عن شقيق بن أبي عبد الله مولى آل الحضرمي -من أهل الكوفة، وثقه ابن حبان- عن أنس بن مالك .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" : نا علي بن مسهر ، عن شقيق بن أبي عبد الله، عن أنس قال: "لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره".

                                                قوله: "أوجع ظهره" أي ضربا، وإنما كان يفعل ذلك عمر -رضي الله عنه- لكون إيقاع الطلقات الثلاث دفعة واحدة بدعة تخالف لسنة الطلاق.

                                                الثاني: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن سفيان بن عيينة ، عن شقيق بن أبي عبد الله الكوفي ، عن أنس بن مالك ، عن عمر بن الخطاب .

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه" من حديث سعيد بن منصور: نا سفيان ، عن شقيق، سمع أنسا يقول: "قال عمر -رضي الله عنه- في الرجل يطلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها، قال: هي ثلاث، لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، وكان إذا أتي به أوجعه".

                                                ثم اعلم أن الطحاوي قد أخرج في هذا الباب من الصحابة: عن ابن عباس وأبي هريرة وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو وأنس بن مالك وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهم-.

                                                قلت: وفي الباب عن علي بن أبي طالب والمغيرة بن شعبة وعبد الله بن عمر بن الخطاب والحسن بن علي وعمران بن الحصين وأبي موسى الأشعري وأبي سعيد الخدري وعائشة وأم سلمة -رضي الله عنهم-.

                                                [ ص: 64 ] أما حديث علي -رضي الله عنه- فأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" : نا حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر ، عن أبيه، عن علي -رضي الله عنه- قال: "إذا طلق البكر واحدة فقد بتها، وإذا طلقها ثلاثا لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره".

                                                وأما حديث المغيرة فأخرجه البيهقي في "سننه" من حديث معاذ بن معاذ: ثنا شعبة ، عن طارق بن عبد الرحمن، سمعت قيس بن أبي حازم قال: "سأل رجل المغيرة -وأنا شاهد- عن رجل طلق امرأته مائة، قال: ثلاثة تحرم، وسبع وتسعون فضل".

                                                وكذا حديث الحسن بن علي فأخرجه البيهقي أيضا من حديث ابن حميد، نا سلمة بن الفضل ، عن عمرو بن أبي قيس ، عن إبراهيم بن عبد الأعلى ، عن سويد بن غفلة قال: "كانت عائشة الخثعمية عند الحسن، فلما قتل علي -رضي الله عنه- قالت: لتهنئك الخلافة، قال: بقتل علي -رضي الله عنه- تظهرين الشماتة؟! اذهبي فأنت طالق -يعني ثلاثا- فتلفعت بثيابها وقعدت حتى مضت عدتها، فبعث إليها ببقية بقيت لها من صداقها، وعشرة آلاف صدقة، فقالت لما جاءها الرسول: متاع قليل من حبيب مفارق، فلما بلغه قولها بكى، ثم قال: لولا أني سمعت جدي -أو حدثني أبي أنه سمع جدي- يقول: أيما رجل طلق امرأته ثلاثا عند الأقراء أو ثلاثا مبهمة لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره؛ لراجعتها".

                                                وأما حديث عمران بن الحصين وأبي موسى -رضي الله عنهما- فأخرجه البيهقي أيضا من حديث حميد الطويل ، عن واقع بن سحبان: "أن رجلا أتى عمران بن الحصين وهو [ ص: 65 ] في المسجد، فقال: رجل طلق امرأته ثلاثا في مجلس قال: أثم بربه وحرمت عليه امرأته، فانطلق الرجل فذكر ذلك لأبي موسى -يريد بذلك عيبه- فقال: ألا ترى أن عمران قال كذا وكذا؟! فقال أبو موسى: أكثر الله فينا مثل أبي نجيد".

                                                وأما حديث أبي سعيد الخدري فأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" : نا عبد الوهاب الثقفي ، عن خالد ، عن الحكم، عن أبي سعيد الخدري في الذي يطلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها فقال: "لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره".

                                                وأما حديث عائشة فأخرجه ابن أبي شيبة أيضا : نا أبو أسامة، قال: ثنا عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر، وعن محمد بن إياس ، عن بكير، عن أبي هريرة وابن عباس وعائشة في الرجل يطلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها قالوا: "لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره".

                                                وأما حديث [أم] سلمة فأخرجه ابن أبي شيبة أيضا: نا عبد الله بن نمير ، عن أشعث ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال: "سمعت أم سلمة سئلت عن رجل طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها، [فقالت] : لا تحل له حتى يطأها غيره".




                                                الخدمات العلمية