الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 63 ] 420 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسآر السباع والدواب سواها من طهارة ومن غيرها

حدثنا أبو القاسم هشام بن محمد بن قرة بن أبي خليفة ، قال : حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي الطحاوي ، قال :

2644 - حدثنا بحر بن نصر ، قال : حدثنا يحيى بن حسان ، قال : حدثنا أبو أسامة حماد بن أسامة ، عن الوليد بن كثير المخزومي ، عن محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عبد الله بن عبد الله - يعني : ابن عمر - عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الماء وما ينوبه من السباع ، فقال : إذا بلغ الماء قلتين فليس يحمل الخبث .

قال أبو جعفر : فكان في هذا الحديث ما قد دل أن ما كان من الماء دون القلتين حمل الخبث .

[ ص: 64 ]

2645 - وقد حدثنا أحمد بن شعيب ، قال : حدثنا هناد بن السري ، والحسين بن حريث ، عن أبي أسامة ، عن الوليد بن كثير ، عن محمد بن جعفر ، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع ، فقال : إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث .

فكان في هذا الحديث إدخال الدواب مع السباع في هذا الحكم الذي قد ذكرنا .

2646 - وحدثنا الحسين بن نصر ، قال : سمعت يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الحياض التي بالبادية تصيب منها السباع ، فقال : إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل نجسا .

[ ص: 65 ] قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث مثل ما في الحديث الذي بدأنا بروايتنا إياه في هذا الباب .

فقال قائل : كيف تقبلون هذا الحديث في أسآر السباع والدواب ، وأنتم تروون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ما يخالف ما قد رويتموه في هذا الباب فيها .

2647 - فذكر ما قد حدثنا يونس ، قال : أنبأنا ابن وهب ، قال : حدثني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ( ح )

وما قد حدثنا الربيع بن سليمان الجيزي ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، ثم اجتمعا فقالا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الحياض التي تكون بين مكة والمدينة ، فقالوا : يا رسول الله ، تردها السباع والكلاب والحمير ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لها ما في بطونها ، وما بقي فهو لنا طهور .

[ ص: 66 ] [ ص: 67 ] فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله - عز وجل - وعونه : أن هذا الحديث الذي ذكره ليس من الأحاديث التي يحتج بمثلها ؛ لأنه إنما دار على عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وحديثه عند أهل العلم بالحديث في النهاية من الضعف .

ثم التمسنا حكم هذا الباب في سوى ما قد رويناه فيه مما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه .

2648 - فوجدنا بكار بن قتيبة قد حدثنا ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن قرة بن خالد ، قال : حدثنا محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : طهور الإناء إذا ولغ فيه الكلب : أن يغسل سبع مرات الأولى بتراب .

2649 - وما قد حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن قرة بن خالد ، قال : حدثنا محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : طهور الإناء إذا ولغ فيه الهر غسل مرة أو مرتين . قرة يشك .

[ ص: 68 ]

2650 - ووجدنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي قد حدثنا ، قال : حدثنا سوار بن عبد الله العنبري ، قال : حدثنا معتمر بن سليمان ، قال : سمعت أيوب يحدث ، عن محمد ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : يغسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب سبع مرات أولاهن - أو قال : أولهن - [ ص: 69 ] بالتراب ، وإن ولغت فيه الهرة غسل مرة .

قال أبو جعفر : فكان في ذلك إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بنجاسة سؤر الهرة ، كإخباره بنجاسة سؤر الكلب ، وإن كان قد خالف مما يطهر منهما فجعله في الكلب سبعا ، وفي الهرة مرة .

فقال قائل : فكيف تقبلون هذا من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد رواه هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، فأوقفه على أبي هريرة ، ولم يتجاوز به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وذكر .

ما قد حدثنا بكار ، قال : حدثنا سعيد بن عامر الضبعي ، قال : حدثنا هشام ، عن محمد ، عن أبي هريرة قال : طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل سبع مرات ، أولاهن بالتراب .

[ ص: 70 ]

وما قد حدثنا بكار ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا هشام بن حسان ، عن محمد ، عن أبي هريرة قال : سؤر الهر مهراق ، ويغسل الإناء مرة أو مرتين .

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله جل وعز : أن أيوب فوق هشام في الجلالة والثبت ، فزيادة ما زاده عليه في إسناد هذا الحديث مقبولة ، وقرة فإن لم يكن فوق هشام في الثبت والحفظ لم يكن دونه في ذلك ، مع أن محمد بن سيرين قد كان إذا أوقف أحاديث أبي هريرة ، فسأل عنها : أهي عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فيقول : كل حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الله الهروي ، قال : حدثنا إسماعيل ، ويحيى بن عتيق ، [ ص: 71 ] عن محمد بن سيرين أنه كان إذا حدث عن أبي هريرة ، فقيل له : عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : كل حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

قال : فدل ذلك أن محمدا رفع هذا الحديث مرة فأخذه عنه كذلك أيوب ، وقرة ، وأوقفه على أبي هريرة مرة لما قد أعلم الناس أن كل حديث أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فسمعه منه هشام ، كذلك وهو في الحقيقة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال قائل : فقد روت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في سؤر الهر إثبات طهارته .

2651 - فذكر ما قد حدثنا بكار ، قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، قال : حدثنا سفيان الثوري ، قال : حدثنا أبو الرجال عن أمه عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من الإناء الواحد وقد أصابت الهرة منه قبل ذلك .

فكان جوابنا له في ذلك - بتوفيق الله جل وعز وعونه - : أن هذا الحديث [ ص: 72 ] مما أخطأ مؤمل في إسناده عن الثوري ، فرواه عنه ، عن أبي الرجال ، وأبو الرجال الثقة المأمون ، وإنما هو عن حارثة بن أبي الرجال ، وهو ممن يتكلم في حديثه ، ويضعف غاية الضعف .

2652 - كما قد حدثنا يونس ، قال : أنبأنا ابن وهب ، قال : حدثنا سفيان الثوري ، عن حارثة بن أبي الرجال ، عن عمرة ، عن عائشة رضي الله عنها ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك .

ثم نظرنا هل روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء سوى هذا الحديث أم لا ؟ .

[ ص: 73 ]

2653 - فوجدنا الربيع بن سليمان قد حدثنا ، قال : حدثنا أسد بن موسى ، قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن داود بن صالح بن دينار ، عن أمه أن مولاة لعائشة أرسلتها بهريسة إلى عائشة ، فوجدتها تصلي ، فأشارت إلي أن ضعيها ، فجاءت هرة ، فأكلت منها ، فلما انصرفت عائشة ، قالت للنساء : كلن واتقين موضع فم الهرة فدورتها عائشة ، ثم أكلت من حيث أكلت الهرة ، ثم قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليست بنجس ، إنما هي من الطوافين عليكم ، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضلها .

2654 - ووجدنا يوسف بن يزيد قد حدثنا ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن داود بن صالح ، عن أمه [ ص: 74 ] عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بفضل الهر .

فتأملنا هذا الحديث ، فوجدناه قد رجع إلى أم داود بن صالح ، وليست من أهل الرواية التي يؤخذ مثل هذا عنها ، ولا هي معروفة عند أهل العلم .

ثم نظرنا هل روي في هذا المعنى غير هذا الحديث مما يدل على طهارة سؤر الهر ؟ .

2655 - فوجدنا يونس قد حدثنا ، قال : حدثنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن حميدة ابنة عبيد بن رفاعة ، عن كبشة ابنة كعب بن مالك - وكانت تحت ابن أبي قتادة - أن أبا قتادة دخل عليها ، فسكبت له وضوءا ، فجاءت هرة فشربت منه ، فأصغى لها أبو قتادة الإناء حتى شربت ، قالت كبشة : فرآني أنظر إليه ، فقال : أتعجبين يا بنت أخي ؟ قالت : قلت : نعم ، قال : فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات .

[ ص: 75 ] قال أبو جعفر : فكان قوله إنها ليست بنجس قد يحتمل أن يكون أراد به في كونها في البيوت ، وفي مماستها الثياب لا في طهارة سؤرها ، وإنما الذي فيه طهارة سؤرها في هذا الحديث فعل أبي قتادة فيه ما قد فعل من توضؤه به ، وقد خالفه في ذلك رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : عبد الله بن عمر ، وأبو هريرة ، فذهبا إلى نجاسته .

كما قد حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا الربيع بن يحيى الأشناني ، قال : حدثنا شعبة ، عن واقد بن محمد ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لا توضؤوا من سؤر الحمار ولا الكلب ولا السنور .

وكما قد حدثنا الربيع الجيزي ، قال : حدثنا سعيد بن كثير بن عفير ، [ ص: 76 ] قال : حدثنا يحيى بن أيوب ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة ، قال : يغسل الإناء من الهر كما يغسل من الكلب .

وكما حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا سعيد بن أبي مريم ، قال : أنبأنا يحيى بن أيوب ، عن خير بن نعيم ، عن أبي الزبير ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة مثله .

[ ص: 77 ] فلم يكن مذهب أبي قتادة في ذلك أولى من مذهبهما فيه ، ولقد وافقهما على مذهبهما فيه من التابعين : سعيد بن المسيب ، والحسن ، ويحيى بن سعيد الأنصاري .

كما حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا هشام بن أبي عبد الله ، عن قتادة ، عن سعيد ( ح ) .

وكما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا حجاج بن منهال ، قال : حدثنا حماد ، عن قتادة ، عن الحسن ، وسعيد بن المسيب في حديث ابن مرزوق ، قال : إذا ولغ السنور في الإناء فاغسله مرتين أو ثلاثا ، وفي حديث ابن خزيمة ، قال أحدهما : يغسله مرة ، وقال الآخر : يغسله مرتين .

وكما حدثنا روح بن الفرج ، قال : حدثنا سعيد بن كثير بن عفير ، قال : حدثني يحيى بن أيوب ، أنه سأل يحيى بن سعيد عن ما لا يتوضأ بفضله من الدواب ، فقال : الخنزير والكلب والهرة .

[ ص: 78 ] فقال قائل : ففي حديث أبي هريرة الذي قد رويته : أن الإناء يغسل من ولوغ الهر فيه كما يغسل من ولوغ الكلب فيه ، أفيجب بذلك أن يغسل منهما سواء لا يفضل فيما يغسل من أحدهما على ما يغسل عليه من الآخر منهما ؟ .

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله جل وعز وعونه : أنه قد يجوز أن يكون أراد أن الإناء مغسول بكل واحد منهما غسلا مختلف العدد مما يغسل منه من الآخر ، وجمع بينهما أنه مغسول منهما ، وهو عربي ، ولغة العرب مثل هذا فيها موجود ، قال الله - جل وعز - : وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ، فأخبر عز وجل أنهم أمم أمثالنا ، ولم يرد بذلك أنهم أمثالنا في الخلقة التي نتباين نحن وهم فيها ، ولا أنهم مثلنا في أنا متعبدون بما أتانا الله عز وجل فيما نعبد ، بأنه مما لم يتعبدهم به ، ومثل ذلك قوله عز وجل : ومن الأرض مثلهن ، يعني : مثل السماوات ، ليس يعني بذلك فيما خلقهن عليه ، ولكنه على أن لهن من العدد مثل ما للسماوات من العدد ، فمثل ذلك قول أبي هريرة : يغسل الإناء من الهر كما يغسل من الكلب ، ليس على أنه مغسول من الهر سبعا كما يكون مغسولا من الكلب سبعا ، ولكنه مغسول كما الكلب مغسول منها ، وإن اختلفا في العدد .

وقد وكد ما قال ابن عمر وأبو هريرة في ذلك ما قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الهر أنها من السبع .

2656 - كما قد حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس ، قال : حدثنا [ ص: 79 ] إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال : حدثنا محمد بن ربيعة الكلابي ، عن عيسى بن المسيب ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : السنور من السبع .

[ ص: 80 ]

2657 - وكما حدثنا الربيع بن سليمان الجيزي ، قال : حدثنا أسد بن موسى ، قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب والسنور .

فكان في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن السنور من السبع ، وفي حديث جابر عنه النهي عن ثمنها كنهيه عن ثمن الكلب ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل ذي ناب من السباع ، وعن كل ذي مخلب [ ص: 81 ] من الطير ، وسنذكر ذلك ، وما قد روي فيه فيما بعد من كتابنا هذا في موضع هو أولى به من هذا الموضع إن شاء الله .

فكان في ذلك النهي عن لحومها ، وكان معقولا أن ما ماس من الماء شيئا كان لذلك الماء حكم ذلك الشيء في طهارته وفي نجاسته ، وذلك أنا وجدنا اللحمان على أربعة أوجه : فمنها لحم طاهر مأكول ، وهو لحم الإبل والبقر والغنم ، فأسآرها طاهرة ؛ لأنها ماست لحوما طاهرة .

ومنها لحم طاهر غير مأكول ، وهي لحوم بني آدم ، فأسآرها طاهرة ؛ لأنها ماست لحوما طاهرة .

ومنها لحم حرام ، وهو لحم الخنزير والكلب ، فسؤر ذلك حرام ؛ لأنها ماست لحما حراما .

فهذه ثلاثة أصناف من اللحمان قد حكم لأسآرها بحكمها في الطهارة ، وفي التحريم ، وبقيت لحوم أخر ، وهي لحوم الحمر الأهلية ، ولحوم كل ذي ناب من السباع ، ومنها السنور وما أشبههما ، ولحوم كل ذي مخلب من الطير ، فكان لحوم تلك الأشياء ممنوعا من أكلها بالسنة ، وكان القياس على ما قد ذكرنا من الأصناف الثلاثة من اللحمان التي رد حكم أسآرها إلى أحكامها في الطهارة وفي النجاسة ، أو يكون أسآر هذه الأشياء أيضا ترد إلى أحكامها .

فكما كانت لحمانها في السنة منهيا عنها ممنوعا منها ، يكون أسآرها كذلك منهيا عنها ، ممنوعا منها ، كما قد روي عن [ ص: 82 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قد شد ذلك ، وكما قد روي عن عبد الله بن عمر ، وعن أبي هريرة في موافقتهما في ذلك ، وكما روي عمن دونهما من التابعين الذين ذكرناهم ، وهم سعيد بن المسيب ، والحسن البصري ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، ومن وافقهم على ذلك ممن هو في الطبقة التي دون طبقتهم منهم أبو حنيفة رحمه الله ومحمد بن الحسن والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية