الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 92 ] 423 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في سؤال الملك في الرحم ربه عز وجل عن المخلوق من النطفة أذكر أو أنثى بعدما أتى على النطفة للرحم قبل ذلك ما أتى عليها من الزمان ، وهل هو مخالف لما قد ذكرناه في الباب الذي قبل أم لا ؟ .

2663 - حدثنا يونس قال : وسمعت سفيان يقول : حدثنا عمرو ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، أو قال النبي صلى الله عليه وسلم - الشك من ابن عيينة - : يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم أربعين ، فيقول : يا رب ، ماذا أشقي أم سعيد ؟ فيقول الله عز وجل ، فيكتبان ، فيقول : يا رب ، أذكر أم أنثى ، فيقول الله ، فيكتبان رزقه ، وعمله ، وأثره ، ومصيبه ، ثم تطوى الصحف ، فلا يزاد على ما فيها ولا ينقص .

[ ص: 93 ]

2664 - حدثنا يونس قال : أخبرني ابن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن أبي الزبير المكي ، أن عامر بن واثلة حدثه ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها ، وخلق سمعها ، وبصرها ، وجلدها ، ولحمها ، وعظامها ، ثم قال : يا رب ، أذكر أم أنثى ؟ فيقضي ربك عز وجل ما شاء ، ويكتب الملك ، ثم يقول : يا رب ، أجله ، فيقول ربك عز وجل ما شاء ، ويكتب الملك ، ثم يقول : يا رب رزقه ، فيقضي ربك ما شاء ، ويكتب الملك ، ثم يخرج بالصحيفة في يده ، فلا يزيد على أمره ولا ينقص .

[ ص: 94 ]

2665 - وحدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا صالح بن وكيع ، قال : حدثنا غياث بن بشير ، قال : حدثنا خصيف ، عن أبي الزبير ، عن جابر يرفعه قال : إذا استقرت النطفة في الرحم أربعين يوما وأربعين ليلة جاء الملك ، فيقول : ما أكتب ؟ فيقول : اكتب عمره وأجله ورزقه ومصيبه ، وشقي أو سعيد .

ولم يذكر لنا ابن أبي داود في حديثه غير هذا .

[ ص: 95 ]

2666 - وحدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا محمد بن عيسى ابن الطباع ، قال : حدثنا غياث بن بشير ، عن خصيف ، عن أبي الزبير ، عن جابر رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : النطفة إذا وقعت في الرحم وكل بها ملك ، فيقول الملك : يا رب ، أذكر أم أنثى ؟ أشقي أو سعيد ؟ وما الرزق وما الأجل ؟ قال : فيكتب في بطن أمه .

فقال قائل : ففي حديث حذيفة بن أسيد الذي قد رويته في هذا الباب أن الخلق من النطفة ما يخلق منها من الذكور ومن الإناث ، إنما يكون بعد مضي المدة المذكورة فيه ، أفيكون ذلك مخالفا لما قد رويته في الباب الأول في حديث ثوبان الذي رويته فيه .

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن كل واحد من حديث حذيفة بن أسيد ، ومن حديث ثوبان ، هذين على معنى غير المعنى الذي عليه صاحبه ، وذلك أن الذي في حديث ثوبان إنما هو الذي يكون عن المني قبل أن يكون نطفة مما قدر الله عز وجل فيه أن يكون من ذكر أو أنثى مع علو أحد المنيين المني الآخر ، ثم يشق سمعها وبصرها على ما في حديث حذيفة بعد المدة المذكورة فيه ، ويسأل الملك حينئذ ربه عز وجل مستعلما له عن ما تقدم منه فيه : أذكر أم أنثى ، ليكتب ذلك في الصحيفة التي يكتبه فيها ، وقد تقدم علم الله عز وجل قبل ذلك ما هو من ذينك الجنسين ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية