[ ص: 63 ] 484 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في لحوم الخيل من كراهة ومن إباحة من حديث جابر بن عبد الله
3053 - حدثنا المزني ، قال : حدثنا الشافعي ، عن سفيان ، عن عمرو بن دينار ، سمع جابر بن عبد الله يقول : أطعمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الخيل ، ونهانا عن لحوم الحمر .
فكان هذا الحديث مذكورا فيه سماع عمرو بن دينار من جابر بن عبد الله ، ولم يسمع ذلك في غير هذه الرواية .
[ ص: 64 ]
3054 - وما قد حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا إبراهيم بن بشار ، قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثله .
فلم يكن في ذلك ذكر سماع لعمرو إياه من جابر .
3055 - وقد حدثنا محمد بن النعمان السقطي ، قال : حدثنا الحميدي ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا عمرو ، قال : قال جابر بن عبد الله ... ثم ذكر هذا الحديث .
فطلبنا حقيقته : هل هو سماع لعمرو من جابر ، أو ليس بسماع له منه ؟
3056 - فوجدنا محمد بن النعمان قد حدثنا ، قال : حدثنا الحميدي ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا عمرو ، قال : قال جابر بن عبد الله : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة .
قال سفيان : وكل شيء سمعته من عمرو بن دينار - يعني من حديث جابر - قال لنا : سمعت جابر بن عبد الله إلا هذين الحديثين ، فلا أدري أبينه وبين جابر فيهما أحد أم لا .
ثم التمسناه من رواية غير سفيان عن عمرو .
[ ص: 65 ]
3057 - فوجدنا أبا أمية قد حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن سابق ، قال : حدثنا ورقاء ، عن عمرو بن دينار ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر هذا الحديث .
فلم يكن في ذلك ما يدل على من تقوم به الحجة في حقيقة هذا الحديث ، ثم التمسنا ذلك أيضا .
3058 - فوجدنا أبا أمية قد حدثنا ، قال : حدثنا خالد بن مخلد القطواني ، قال : حدثني محمد بن مسلم الطائفي ، قال : حدثني عمرو بن دينار ، قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية ، وأحل لحوم الخيل .
فلم يكن هذا عندنا أيضا مما نقطع به على أن حقيقة الأمر في هذا الحديث هي سماع عمرو إياه من جابر لتقصير محمد بن مسلم عن استحقاق مثل ذلك ، فالتمسناه من حديث غيره .
3059 - فوجدنا يزيد بن سنان قد حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن [ ص: 66 ] بكر البرساني ، قال : حدثنا ابن جريج ، قال : أخبرني عمرو بن دينار ، عن رجل ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، قال : كنا قد حملنا في قدورنا لحوم الخيل ولحوم الحمر ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نأكل لحوم الخيل ، ونهانا أن نأكل لحوم الحمر .
فوقفنا بذلك على أن أصل هذا الحديث ليس بسماع عمرو إياه من جابر ، وإن بينه وبينه فيه رجلا ، غير أنه قد يحتمل أن يكون ذلك الرجل ممن تقبل روايته ، وتقوم بمثلها الحجة ، وقد يكون بخلاف ذلك ، فالتمسنا ذلك .
3060 - فوجدنا أحمد بن أبي داود قد حدثنا ، قال : حدثنا سليمان بن حرب ( ح ) .
ووجدنا الربيع بن سليمان قد حدثنا ، قال : حدثنا أسد ، قالا : حدثنا حماد بن زيد ، عن عمرو بن دينار ، عن محمد بن علي بن حسين ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، قال : أطعمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الخيل ، ونهانا عن لحوم الحمر .
[ ص: 67 ] فصار هذا الحديث مستقيم الإسناد من حديث عمرو ، ثم نظرنا : هل رواه عن جابر بن عبد الله أحد بموافقة هذا المعنى . ؟
3061 - فوجدنا يونس قد حدثنا ، قال : حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الكريم الجزري ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، قال : كنا نأكل لحوم الخيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
3062 - ووجدنا فهدا قد حدثنا ، قال : حدثنا ابن الأصبهاني ، [ ص: 68 ] قال : أنبأنا شريك ، عن عبد الكريم . ووكيع ، عن سفيان ، عن عبد الكريم ، ثم ذكر مثله .
فاتفق محمد بن علي بن حسين ، وعطاء ، عن جابر بن عبد الله في إباحة لحوم الخيل .
3063 - وقد حدثنا يزيد بن سنان أيضا ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني أبو الزبير ، سمع جابرا يقول : أكلنا زمن خيبر لحوم الخيل وحمر الوحش ، ونهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الحمار الأهلي .
فعاد ما روي عن جابر في حل لحوم الخيل إلى رواية محمد بن علي بن حسين وعطاء وأبي الزبير ذلك عنه .
فقال قائل : فقد روي عن جابر بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يخالف ذلك .
3064 - فذكر ما قد حدثنا محمد بن علي بن داود ، قال : حدثنا عاصم بن علي ، قال : حدثنا عكرمة بن عمار ، عن يحيى بن أبي كثير ، [ ص: 69 ] عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن جابر بن عبد الله ، قال : لما كان يوم خيبر أصاب الناس مجاعة ، فأخذوا الحمر الأهلية فذبحوها ، وملؤوا منها القدور ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكفأنا يومئذ القدور ، وقال : إن الله عز وجل سيأتيكم برزق هو أحل من هذا وأطيب ، فكفأنا يومئذ القدور وهي تغلي فحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمر الإنسية ، ولحوم الخيل والبغال ، وكل ذي ناب من السباع ، وكل ذي مخلب من الطير ، وحرم المجثمة والخليسة والنهبة .
[ ص: 70 ] فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن أهل الحديث يضعفون حديث عكرمة عن يحيى ، ولا يجعلونه فيه حجة ، كذلك قال غير واحد منهم ، ولو كان فيه حجة لكان خلاف محمد بن علي بن حسين ، وعطاء بن أبي رباح ، وأبي الزبير ، عن جابر له في ذلك ، عن يحيى ، عن أبي سلمة ، عن جابر ، أولى مما رواه فيه يحيى ، عن أبي سلمة ، عن جابر ؛ لأن ثلاثة أولى بالحفظ من واحد ، والله نسأله التوفيق .


