الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 277 ] 520 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إلقاء الأرض الرجل المدفون فيها القاتل للذي قال لا إله إلا الله ، وقتله إياه على أن ذلك كان تعوذا منه

3234 - حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ابن الأصبهاني ، قال : حدثنا حفص بن غياث ، عن عاصم الأحول ، عن السميط بن السمير ، عن عمران بن حصين ، قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية ، فحمل رجل من ولد أبي على رجل من المشركين ، فلما غشيه بالرمح ، قال : إني مسلم ، فقتله ، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إني قد أذنبت فاستغفر لي ، فقال : وما ذاك ؟ قال : إني حملت على رجل ، فلما غشيته بالرمح ، قال : إني مسلم ، فظننت أنه متعوذ فقتلته ، فقال : أفلا شققت عن قلبه حتى يستبين لك ؟ قال : ويستبين لي ؟ قال : قد قال لك بلسانه ، فلم تصدقه على ما في قلبه ، فلم يلبث الرجل أن مات ، فدفن فأصبح على وجه الأرض ، فقلنا : عدو نبشه ، فأمرنا عبيدنا وموالينا فحرسوه ، فأصبح على وجه الأرض ، فقلنا : فلعلهم غفلوا ، فحرسنا نحن ، فأصبح على وجه الأرض ، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبرناه ، [ ص: 278 ] قال : إن الأرض تقبل من هو شر منه ، ولكن الله عز وجل أحب أن يخبركم بعظم الدم ، ثم قال : انتهوا به إلى سفح هذا الجبل ، فانضدوا عليه من الحجارة ، ففعلنا .

3235 - حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا زكريا بن عدي ، قال : حدثنا حفص بن غياث ، عن عاصم الأحول ، قال : حدثنا السميط ، عن عمران ، قال : لقي رجل من ولد أبي العدو ، ثم ذكر هذا الحديث .

قال أبو جعفر : وقد ذكرنا فيما تقدم منا في هذه الأبواب من هذا الجنس ما يغنينا عن الكلام في هذا الباب ، غير أن في هذا الباب [ ص: 279 ] حرفا وهو قول الخزاعي صاحب القصة المذكورة فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إني قد أصبت ذنبا ، فاستغفر لي ، فدل ذلك على أنه قد كان ممن قامت عليه الحجة بجرمه في قتله من قال مثل ما قال له الذي قتله ، فقتله على ذلك .

غير أن فيه ظنه بقوله : إني مسلم متعوذا ، فقد يحتمل ذلك أن يكون زيادة منه في الاعتذار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتله ذلك الرجل ، أي : لأن قتله المتعوذ بذلك القول أيسر من قتله من قال ذلك القول لا لتعوذ به ، ولكن لحقيقة دخوله في الإسلام ، فلم يكن ذلك رافعا عنه عقوبة ذنبه الذي كان منه فيه ، فكان من عند الله عز وجل فيه ما كان من أجل ذلك ، والله أعلم بحقيقة الأمر كان في ذلك ، والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية