الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 321 ] 526 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القردة والخنازير أهي مما مسخ من الأمم أم لا ؟

3269 - حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، قال : حدثنا سفيان الثوري ، عن علقمة بن مرثد ، عن المغيرة بن عبد الله اليشكري ، عن المعرور بن سويد ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن القردة والخنازير أهي مما مسخ ؟ فقال : إن الله عز وجل لم يهلك قوما أو يمسخ قوما ، فيجعل لهم نسلا ولا عاقبة ، وأن القردة والخنازير خلقوا قبل ذلك .

3270 - حدثنا يزيد بن سنان ، وأحمد بن داود ، قالا : حدثنا محمد بن كثير ، قال : حدثنا سفيان ، ثم ذكر بإسناده مثله .

3271 - حدثنا روح بن الفرج ، قال : حدثنا يوسف بن عدي ، [ ص: 322 ] قال : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان الرازي ، عن مسعر بن كدام ، عن علقمة بن مرثد ، عن المغيرة الأشكري ، - قال روح : هكذا قال يوسف - ، عن المعرور ، عن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله لم يهلك قوما ، فيجعل لهم نسلا ولا عقبا .

حدثنا يزيد ، قال : حدثنا أبو داود الطيالسي ، قال : حدثنا المسعودي ، عن علقمة بن مرثد ، عن المستورد بن الأحنف ، عن ابن مسعود أنه سئل عن القردة والخنازير ، أهي من نسل القردة والخنازير التي مسخت ، أم من نسل قردة وخنازير كانت في الأرض قبل ذلك ؟ فقال عبد الله : إن الله لم يمسخ أمة قط فيجعل لها عقبة ، ولكن هذه من نسل قردة وخنازير كانت في الأرض قبل ذلك ، ولم يذكر يزيد في حديثه هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

3272 - حدثنا يزيد ، قال : حدثنا حبان بن هلال وشيبان بن [ ص: 323 ] فروخ ، قالا : حدثنا داود بن أبي الفرات ، قال : حدثنا محمد بن زيد العبدي ، عن أبي الأعين ، عن أبي الأحوص الجشمي ، عن ابن مسعود ، قال : سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القردة والخنازير أهن من نسل اليهود ؟ فقال : إن الله عز وجل لم يلعن قوما قط فمسخهم ، فكان لهم نسل ، ولكن هذا خلق كان ، فلما غضب الله على اليهود مسخهم فجعلهم مثله .

فقال قوم : في كتاب الله ما يدفع هذه الآثار التي رويتموها في هذا الباب في نفي من أهلكه الله أو مسخه أن لا يكون له نسل ولا عقب ، وهو قوله عز وجل : وجعل منهم القردة والخنازير يريد من جعلها منهم ، فذكر عز وجل أنه جعلهما من القوم الذين سخط عليهم ولعنهم ، وذكر ذلك بالمعرفة لا بالنكرة ، فكان ذلك على القردة والخنازير الموجودة المعقولة ، لا على من سواها من قردة وخنازير ، ولو كان ذلك على قردة وخنازير سوى القردة والخنازير الموجودة المعقولة لكان : وجعل بينهم قردة وخنازير ، على النكرة لا على المعرفة .

فكان جوابنا لهم في ذلك - بتوفيق الله عز وجل وعونه - أنه قد [ ص: 324 ] يجوز أن يكون القردة والخنازير قد كانت قبل ذلك مخلوقة على ما هي عليه كسائر الأشياء المخلوقة على ما هي عليه لا ممسوخة من خلق كانت عليه إلى قردة وخنازير ، وكانت مما تناسل ، ومما يعقب كسائر المخلوقين سواها ، ثم كان من الله جعله القردة والخنازير ممن سخط عليه من عباده الذين خرجوا عن أمره ، واعتدوا عن عبادتهم التي تعبدهم بها إلى ما سواها ، فمسخهم قردة وخنازير لا تناسل لها ، ولا أعقاب لها ، فكانت في الدنيا ما شاء الله عز وجل كونها فيها ، ثم أفناها بلا أعقاب خلفتها ، وبقيت القردة والخنازير التي كانت قبل ذلك ، ولم يلحقها مسخ حولها عما خلقت عليه إلى ما هي عليه ، فكان منها التناسل في حياتها ، والإعقاب بعد موتها ، فبان بحمد الله ونعمته احتمال ما حملنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما لا يخالف ما في كتاب الله عز وجل مما يوهم هؤلاء الجاهلين أنه يخالفه ، والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية