[ ص: 90 ] 489 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قضائه بحضانة ابنة حمزة رضي الله عنها لخالتها أسماء ابنة عميس ، وترك منعه إياها من ذلك بالزوج الذي لها وهو جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ، إذ كان غير ذي رحم محرم منها
3078 - حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا يوسف بن عدي ، وأبو كريب محمد بن العلاء ، قالا : حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ ، عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بابنة حمزة لخالتها ، وقال : الخالة بمنزلة الوالدة ، وذلك حين اختصم فيها علي وزيد وجعفر رضي الله عنهم .
3079 - حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا أسد بن [ ص: 91 ] موسى ، قال : حدثنا إسرائيل بن يونس ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ وهبيرة - قال الشيخ : هبيرة بن يريم - عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن ابنة حمزة تبعتهم تنادي : يا عم ، يا عم فتناولها علي ، فأخذ بيدها ، وقال : دونك ابنة عمك ، فخذيها ، فاختصم فيها علي وزيد وجعفر ، فقال علي : أنا أخذتها وهي ابنة عمي ، وقال جعفر : ابنة عمي وخالتها تحتي ، وقال زيد : ابنة أخي ، فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالتها ، وقال : الخالة بمنزلة الأم ، وقال لعلي : أنت مني وأنا منك ، وقال لجعفر : أشبهت خلقي وخلقي ، وقال لزيد : أنت أخونا ومولانا ، فقال له علي : يا رسول الله ألا تزوج ابنة حمزة ، قال : إنها ابنة أخي من الرضاعة .
[ ص: 92 ]
3080 - حدثنا يحيى بن عثمان ، قال : حدثنا يوسف بن عدي ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن أبي فروة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن علي رضي الله عنه أنه اختصم هو وجعفر بن أبي طالب ، وزيد بن حارثة في ابنة حمزة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأعطاها النبي صلى الله عليه وسلم لجعفر ؛ لأن خالتها عنده .
3081 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي ، قال : حدثنا سعيد بن يحيى الأموي ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، وعن أبان بن صالح ، عن عطاء ، عن مجاهد [ ص: 93 ] عن ابن عباس ، قال : اختصم علي وزيد وجعفر رضي الله عنهم في ابنة حمزة ، فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لجعفر ، لمكان خالتها أسماء ابنة عميس .
3082 - وحدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني بكر بن مضر ، عن ابن الهاد ، عن محمد بن نافع بن عجير ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال : لما أصيب حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ، خرج زيد بن حارثة حتى أقدم ابنة حمزة ، وقال : أنا أحق بها ، تكون عندي ، تجشمت السفر وهي ابنة أخي ، وقال علي بن أبي طالب : أنا أحق بها تكون عندي وهي ابنة عمي وعندي ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال جعفر بن أبي طالب : أنا أحق بها ، لي مثل قرابتك وعندي خالتها ، والخالة والدة ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أنا أقضي بينكم في ذلك وفي غيره ، قال علي : فتخوفت أن يكون قد نزل فينا قرآن لرفعنا أصواتنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما أنت يا زيد فمولاي ومولاها ، فقال : رضيت برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأما أنت يا علي [ ص: 94 ] فصفيي وأميني ، وأنت مني وأنا منك ، وأما أنت يا جعفر فأشبهت خلقي وخلقي ، وأنت من شجرتي التي أنا منها ، وقد قضيت بالجارية تكون مع خالتها ، قالوا : رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم .
3083 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس ، قال : حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر ، قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن يزيد بن الهاد ، عن محمد بن نافع بن عجير ، عن أبيه ، عن علي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .
قال : فكان في إسناد هذا الحديث زيادة على إسناد حديث يونس بزيادة محمد بن نافع بن عجير إياه ، عن أبيه ، عن علي ، وفي ذلك وجوب إيصاله لعلي عليه السلام .
[ ص: 95 ]
3084 - حدثنا ابن أبي داود ، وزكريا بن يحيى بن أبان قالا : حدثنا عمرو بن خالد ، قال : حدثنا ابن لهيعة ، عن ابن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، قال : لما أصيب حمزة بن عبد المطلب ، ثم ذكر هذا الحديث كما ذكره من رويناه عنه قبله في هذا الباب .
فقال قائل : هذا حديث قد تركه أهل العلم جميعا ؛ لأنهم لا يقضون بالحضانة لذات زوج غير ذي رحم محرم من الصبي المحضون ، أو من الصبية المحضونة ، فمن أين اتسع لهم جميعا ترك هذا الحديث ، وقد جاء هذا المجيء المتواتر ؟ !
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أنهم لم يتركوا هذا الحديث ، ولم يخالفوه ، بل أخذوا به ، واستعملوه من حيث خفي عليك أخذهم به واستعمالهم إياه ، وذلك أن الصبي أو الصبية يحتاجان إلى الحضانة ، إذا لم يكن لهما من النساء أحد من ذوي أرحامهما المحرمات خالية من الأزواج ، عادت حضانتهما إلى عصبتهما ، وكانت ابنة حمزة لما كانت خالتها ذات زوج غير ذي رحم محرم منها ، عادت حضانتها إلى عصبتها ، وهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي وجعفر ابنا أبي طالب ، فعادت حضانتها إليهم ، وكانت عند جعفر خالتها ، وكانت خالتها إنما تمنع من الحضانة بزوجها لو كان ليس من أهل الحضانة ، [ ص: 96 ] فلما عادت الحضانة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى علي ، وإليه عادت بذلك إلى حكمها لو كان زوجها ذا رحم محرم من ابنة حمزة بالمعنى الذي لا يقطع خالتها عن حضانتها ؛ لأنها عند من يصلح أن تكون عنده في تلك الحال ، فعادت الحضانة بذلك إليها ، ولم يمنعها منها أن كانت ذات زوج ؛ لأن زوجها إن لم يعد الحضانة إليها عادت إليه وإلى من هو مثله في عصبتها ، وإذا عادت إليه ، لم يكن مانعا لها عن حضانتها ، بل تعود حضانتها إليها ؛ لأنها تحاجه فتقول له : إذا كنت إنما أمنع بك ، كنت أنا بمنعي إياك من حضانة ابنة أختي أولى ، وباستحقاقي ذلك عليك أحرى .
فهذا هو المعنى الذي به استحقت أسماء ابنة عميس حضانة ابنة أختها ولم يمنعها من ذلك التزويج الذي هي فيه ، والله نسأله التوفيق .


