مطلب : فيما يقول العاطس وما يقول له المشمت . 
( وليبد ) العاطس ( رد المعود ) أي المعتاد الوارد في سنة خير العباد . 
فيجب على العاطس بعد أن يحمد الله سبحانه ويشمت أن يقول مجيبا لمن شمته يهديكم الله ويصلح بالكم ، لقول النبي  صلى الله عليه وسلم { إذا  [ ص: 444 ] عطس أحدكم فليقل الحمد لله ، وليقل له أخوه أو صاحبه : يرحمك الله ، فإذا قال له يرحمك الله فليقل : يهديكم الله ويصلح بالكم    } رواه  البخاري    . 
وإن زاد " ويدخلكم الجنة عرفها لكم " فلا بأس به ; لأنه روي عن الحسن  أنه قاله ، وذكره في الرعاية والآداب وغيرهما ، أو يقول " يغفر الله لنا ولكم " وقيل يقول مثل ما قيل له . 
وكان  ابن عمر  إذا عطس فقيل له يرحمك الله قال يرحمنا الله وإياكم ويغفر لنا ولكم رواه الإمام  مالك    . وقال الإمام  أحمد    : التشميت يهديكم الله ويصلح بالكم . وهذا معنى ما نقل غيره . 
وقال في رواية حرب  هذا عن النبي  صلى الله عليه وسلم من وجوه . 
وذكر  القاضي  أنه روي عن النبي  صلى الله عليه وسلم لفظان أحدهما يهديكم الله والثاني يرحمكم الله . كذا قال . وصوب الشيخ  رضي الله عنه يغفر الله لكم . قال  القاضي    : ويختار أصحابنا يهديكم الله ; لأن معناه يديم الله هداكم . 
واختار بعض العلماء يغفر الله لنا ولكم . وقال  مالك   والشافعي    : يخير بين هذا وبين يهديكم الله ويصلح بالكم . 
والحاصل أن الإنسان إذا عطس سن له أن يقول : الحمد لله أو الحمد لله على كل حال ، أو الحمد لله رب العالمين ، كل ذلك ورد عن النبي  صلى الله عليه وسلم وأن يقول له جليسه : يرحمك الله . وجاز الإتيان بميم الجمع ، وأن يقول العاطس مجيبا لمن شمته : يهديكم الله إلى آخره كما مر وهو الأفضل ، أو يقول : يغفر الله لنا ولكم ، وقيل يقول مثل ما قيل له كما ذكرنا عن  ابن عمر    . 
قال ولا أصل لما اعتاده كثير من الناس من استكمال قراءة الفاتحة بعد قوله الحمد لله رب العالمين  ، وكذا العدول عن الحمد إلى أن لا إله إلا الله أو تقديمها على الحمد  فمكروهة ، وقد أخرج  البخاري  في الأدب المفرد بسند صحيح عن  مجاهد  أن  ابن عمر  سمع ابنه عطس فقال : أب ، فقال : وما أب ؟ إن الشيطان جعلها بين العطسة والحمد . وأخرجه  ابن أبي شيبة  بلفظ أشهر بدل أب . فقال الحافظ ابن حجر    : يخير بين الحمد لله أو يزيد رب العالمين ، أو على كل حال ، وما كان أكثر ثناء كان أفضل بشرط أن يكون مأثورا . 
وإن حمده إذا عطس سنة  [ ص: 445 ] وتشميته فرض كفاية ، وإجابة المشمت  فرض عين من الواحد ومن الجماعة بأن عطس جماعة فشمتوا فرض كفاية كما صرحوا بذلك خلافا لظاهر الدليل فإنه يقتضي أنه فرض عين . 
وذكر بعض العلماء أن تشميت العاطس فرض عين . قال الإمام بن القيم    : ولا دافع له . انتهى . لقول النبي  صلى الله عليه وسلم { إذا عطس أحدكم وحمد الله تعالى كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول يرحمك الله    } رواه الشيخان . ولفظ  البخاري  من حديث  أبي هريرة  رضي الله عنه مرفوعا { فإذا عطس أحدكم فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يقول يرحمك الله    } . 
				
						
						
