مطلب : في حرمة اللعن لمعين وما ورد فيه . 
( ثم ) هي حرف عطف تفيد الترتيب والتراخي ، وكأنه عطف بها على ما قبلها لشدة حرمة اللعن ، فبينه وبين ما قبله بون في الحرمة ، فيحرم إفشاء ( لعن ) وأصله الطرد والإبعاد من الله تعالى ، ومن الخلق السب والدعاء كما في النهاية . 
وفي القاموس : لعنه كمنعه طرده وأبعده فهو لعين وملعون والجمع ملاعين والاسم اللعان واللعانية ، واللعنة بالضم من يلعنه الناس ، وكهمزة الكثير اللعن لهم . 
وقال الحجاوي  في لغة إقناعه : لعنه لعنا من باب نفع طرده وأبعده أو سبه فهو لعين وملعون ، والمرأة لعين والفاعل لعان ، والشجرة الملعونة هي كل من ذاقها كرهها ولعنها ، يعني شجرة الزقوم التي تنبت في أصل الجحيم ، جعلها جل شأنه فتنة للكافرين ، فقالوا النار تحرق الشجر فكيف تنبته ؟ ( مقيد ) أي لمعين فيحرم لعن الإنسان بعينه   [ ص: 120 ] أو دابة ، وأما الكفار عموما فلا يحرم كما سنذكره . 
قال  صلى الله عليه وسلم { إن من أكبر الكبائر أن يلعن ، الرجل والديه . قيل يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه ؟ قال يسب أبا الرجل فيسب أباه ، ويسب أمه فيسب أمه    } رواه  البخاري  وغيره من حديث  أبي هريرة  رضي الله عنه . 
وأخرج  مسلم  رضي الله عنه أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال { لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا    } ورواه  الحاكم  وصححه بلفظ { لا يجتمع أن يكونوا لعانين صديقين    } . 
وأخرج  البيهقي  عن  عائشة  رضي الله عنها قالت { مر النبي  صلى الله عليه وسلم بأبي بكر  وهو يلعن بعض رقيقه ، فالتفت إليه وقال لعانين وصديقين كلا ورب الكعبة    . فعتق أبو بكر  رضي الله عنه يومئذ بعض رقيقه ، قال ثم جاء إلى النبي  صلى الله عليه وسلم فقال لا أعود    } . وأخرج  مسلم  عن  أبي الدرداء  رضي الله عنه قال قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم { لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة    } ورواه أبو داود  ولم يقل يوم القيامة . والترمذي  وحسنه عن  ابن مسعود  رفعه { لا يكون المؤمن لعانا    } . 
وأخرج  البخاري   ومسلم    { لعن المؤمن كقتله    }  والطبراني  بإسناد جيد عن  سلمة بن الأكوع  رضي الله عنه قال : كنا إذا رأينا الرجل يلعن أخاه رأينا أن قد أتى بابا من الكبائر . 
وأخرج أبو داود  عن  أبي الدرداء  رضي الله عنه قال قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم { إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها ثم تأخذ يمينا وشمالا ، فإن لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لعن ، فإن كان أهلا وإلا رجعت إلى قائلها    } . 
وأخرج  الإمام أحمد  بإسناد جيد عن  ابن ، مسعود  رضي الله عنه قال سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم يقول { اللعنة إذا وجهت إلى من وجهت إليه ، فإن أصابت عليه سبيلا أو وجدت فيه مسلكا وإلا قالت يا رب وجهت إلى  [ ص: 121 ] فلان فلم أجد فيه مسلكا ولم أجد عليه سبيلا ، فيقال لها ارجعي من حيث جئت    } . 
وأخرج  مسلم  عن  عمران بن حصين  رضي الله عنه قال { بينما رسول الله  صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار  على ناقة فضجرت فلعنتها ، فسمع ذلك رسول الله  صلى الله عليه وسلم فقال خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة قال  عمران    : فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض . لها أحد    } . 
وروى أبو يعلى   وابن أبي الدنيا  بإسناد جيد عن  أنس  رضي الله عنه قال { سار رجل مع النبي  صلى الله عليه وسلم فلعن بعيره ، فقال النبي  صلى الله عليه وسلم : يا عبد الله  لا تسر معنا على بعير ملعون    } . وقد { نهى رسول الله  صلى الله عليه وسلم عن لعن الديك  فقال لا تلعنه ولا تسبه فإنه يدعو إلى الصلاة    } . وقال  أنس    : { كنا عند رسول الله  صلى الله عليه وسلم فلدغت رجلا برغوث فلعنها ، فقال النبي  صلى الله عليه وسلم لا تلعنها فإنها نبهت نبيا من الأنبياء للصلاة    } رواه أبو يعلى   والبزار    . . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					