[ ص: 125 ] مطلب : في بيان حقيقة الفحش وذكر الآثار الواردة في النهي عنه : وفحش ومكر والبذاء خديعة وسخرية والهزو والكذب قيد   ( و ) يحرم على كل مكلف ( فحش )  بضم الفاء وسكون الحاء المهملة وبالشين المعجمة ، وأصله كل ما اشتد قبحه من الذنوب والمعاصي كما في نهاية  ابن الأثير    . 
{ ولما قالت  عائشة  لليهود  ما قالت قال لها النبي  صلى الله عليه وسلم إن الله لا يحب الفحش ولا التفاحش    } أراد بالفحش التعدي في القول والجواب لا الفحش الذي هو من قذع الكلام ورديه . والتفاحش تفاعل منه وقد يكون الفحش بمعنى الزيادة والكثرة ، ومنه حديث بعضهم وقد سئل عن دم البراغيث فقال إن لم يكن فاحشا فلا بأس . 
وفي شرح  البخاري  للحافظ ابن حجر    : الفحش كل ما خرج عن مقداره حتى يستقبح ويذم ، ويدخل في القول والفعل والصفة ، يقال طويل فاحش الطول إذا أفرط في طوله ، لكن استعماله في القول أكثر . والمراد هنا بالفحش الكلام القبيح . 
فأخرج  الطبراني  في الصغير والأوسط  وأبو الشيخ  عن  عائشة  رضي الله عنها قالت قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم { يا  عائشة  لو كان الحياء رجلا كان رجلا صالحا ، ولو كان الفحش رجلا كان رجل سوء    } . 
وأخرج  ابن ماجه  والترمذي  وقال حسن غريب عن  أنس  رضي الله عنه قال قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم { ما كان الفحش في شيء إلا شانه ، وما كان الحياء في شيء إلا زانه    } . 
وفي صحيح  البخاري  عن  عائشة  رضي الله عنها { أن يهودا  أتوا النبي  صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليكم ، فقالت  عائشة  رضي الله عنها عليكم السام ولعنة الله وغضب الله عليكم . قال مهلا يا  عائشة  عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش    } . وفي الصحيحين عنها { استأذن رهط من اليهود  على رسول الله  صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليكم ، فقالت  عائشة  رضي الله عنها وعليكم السام  [ ص: 126 ] واللعنة . فقال يا  عائشة  إن الله تعالى يحب الرفق في الأمر . قالت ألم تسمع ما قالوا ؟ قال قد قلت وعليكم    } . 
وفي رواية لهما { أن  عائشة  رضي الله عنها قالت بل عليكم السام والذام . فقال يا  عائشة  لا تكوني فاحشة ، فقال ما سمعت ما قالوا ؟ فقال أوليس قد رددت عليهم الذي قالوا ، قلت وعليكم    } وفي لفظ : { مه يا  عائشة  فإن الله عز وجل لا يحب الفحش والتفحش وأنزل الله تعالى { وإذا جاءوك حيوك     } الآية    } . الذام بالذال المعجمة والميم الذم ، وروي بالدال المهملة ومعناه الدائم ، والسام الموت . وفي رواية { إنا نجاب عليهم ولا يجابون علينا    } قال في شرح  مسلم    : فيه الانتصار من الظالم والانتصار لأهل الفضل ممن يؤذيهم . انتهى . 
وفي كتاب الله تعالى { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن     } قال ابن عرفة    : كل ما نهى الله عنه فهو فاحش    . وأكثر استعمال الفاحشة في الزنا واللواطة وليس مرادا هنا ، والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					