مطلب : في كراهة نوم اثنين عريا تحت لحاف واحد    : ويكره لبس الأزر والخف قائما  كذاك التصاق اثنين عريا بمرقد   ( ويكره ) تنزيها ( لبس الأرز ) جمع إزار ( و ) لبس ( الخف ) أيضا حال كون اللابس لواحد منها ( قائما ) وكذا السراويل وتقدم الكلام على ذلك في الكلام على اللباس ( كذاك ) أي كما يكره لبس الأزر ، وما عطف عليه قائما يكره أيضا ، وهو آكد في الكراهة مما قبله ( التصاق ) من لصق بالصاد والسين المهملتين . 
والقاعدة أن كل كلمة كانت السين فيها وجاء بعدها أحد الحروف الأربعة وهي الخاء والطاء والغين والقاف فإنه حينئذ يجوز إبدال الصاد من السين مثل صخب وسراط وسغب وصقر . 
ومنه هذه اللفظة يقال لسق ولصق بمعنى واحد فيكره التصاق ( اثنين ) يعني يكره  [ ص: 352 ] أن يتجرد ذكران أو أنثيان ( عريا ) بأن يناما في إزار أو لحاف واحد ولا ثوب بينهما ( بمرقد ) محل الرقود يعني النوم . 
وذلك لأن النبي  صلى الله عليه وسلم { نهى عن مباشرة الرجل الرجل    } . 
    وثنتين وافرق في المضاجع بينهم 
لو إخوة من بعد عشر تسدد   ( و ) كذا يكره التصاق ( ثنتين ) يعني أنثيين { لنهيه  صلى الله عليه وسلم عن مباشرة المرأة المرأة في ثوب واحد    } . 
قلت    : فإن مس أحدهما عورة الآخر حرم على الماس ; لأن اللمس كالنظر ، وأولى . 
وذكر هذه المسألة في الرعاية وقيد الكراهة بكونهما مميزين ، ثم قال فإن كان أحدهما ذكرا غير زوج وسيد ومحرم احتمل التحريم . قلت : إن لزم من ذلك الاختلاء فلا شك في الحرمة . 
وإلا فكذلك فيما يظهر . ثم رأيته في الآداب مصرحا . 
( وافرق ) أيها الولي ( في المضاجع ) جمع مضجع موضع الضجوع يعني النوم وأصله وضع الجنب بالأرض ( بينهم ) أي بين الذكور والإناث من أولادك ومن لك عليهم الولاية ولا تدعهم ينامون سوية ولو كانوا ( إخوة ) سدا لباب الذرائع وحسما لمادة الفساد ، ويكون ذلك منك ( من بعد ) بلوغهم ل ( عشر ) من السنين من حين ولادتهم ، فإن فعلت ما أمرت به ( تسدد ) أي توفق لفعل الخيرات وتقوم لسلوك طريق الاستقامة . قال في القاموس : سدده تسديدا قومه ، ووفقه للسداد أي الصواب من القول والعمل . وأما سداد القارورة والثغر فبالكسر فقط ، وسداد من عوز وعيش لما يسد به الخلة وقد يفتح أو هو لحن . انتهى . يعني أن الإنسان إذا امتثل لأوامر الشارع كان حريا أن يوفق للصواب ، أو أن فعله الذي فعله هو الصواب . 
قال علماؤنا وغيرهم : من بلغ من الصبيان عشر سنين منع من النوم مع أخته ومع محرم وغيرهما متجردين ، وهذا على إحدى الروايتين في المذهب كما في المستوعب والرعاية واختار أكثر علمائنا وجوب التفريق في ابن سبع سنين  فأكثر ، وأن له عورة يجب حفظها . 
ويتوجه أن يقال يجوز تجرد  [ ص: 353 ] من لا حكم لعورته ، وإلا لم يجز مع مباشرة العورة لوجوب حفظها إذن ومع عدم مباشرتها . فإن كانا ذكرين أو أنثيين فإن أمن ثوران الشهوة جاز ، وقد يحتمل الكراهة لاحتمال حدوثها ، وإن خيف ثورانها حرم على ظاهر المذهب لمنع النظر حيث أبيح مع خوف ثورانها على نص الإمام  أحمد  رضي الله عنه واختلف فيه الأصحاب . 
وإن كانا ذكرا وأنثى فإن كان أحدهما محرما فكذلك وإلا فالتحريم واضح لمعنى الخلوة ومظنة الشهوة وحصول الفتنة . وقد روى الإمام  أحمد  وأبو داود  من حديث  عمرو بن شعيب  عن أبيه عن جده قال قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم { مروا صبيانكم    } - ولفظ أبي داود    : { مروا أولادكم    } - وفي لفظ : { مروا أبناءكم بالصلاة لسبع    } وفي لفظ في سبع سنين ، { واضربوهم عليها في عشر    } - وفي لفظ : { اضربوهم على تركها لعشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع    } . وروى ابن الجوزي  في آداب النساء عن  أبي هريرة  رضي الله عنه قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم { علموا أولادكم الصلاة إذا بلغوا سبع سنين ، واضربوهم إذا بلغوا عشرا ، وفرقوا بينهم في المضاجع    } . وروى  ابن أبي شيبة  عن عبد الملك بن ربيع بن سبرة الجهني  عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم { إذا بلغ الغلام سبع سنين أمر بالصلاة ، فإذا بلغ عشرا ضرب عليها    } . قال الإمام ابن مفلح    : إن صح فالمراد به المعتاد من اجتماع الذكور والإناث لقوله  صلى الله عليه وسلم { لا يخلون رجل بامرأة    } فأما إن كانوا ذكورا أو إناثا فعلى ما سبق ، فأما المحارم فلا منع إلا ذكورا وإناثا ، فالمنع والكراهة مع التجرد محتملة لا المنع مطلقا . انتهى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					