[ ص: 314 ] مطلب : في بيان ما يجب أن يمنع من وقوعه في المساجد . 
( النوع الثالث ) : فيما يجب أن يمنع من وقوعه في المساجد    . 
فيحرم على الجنب أن يلبث في المسجد بلا وضوء ولا تيمم بلا حاجة ، فإن توضأ جاز له اللبث ، ولو انتقض وضوءه حتى قبل دخول المسجد في المعتمد . 
ويمنع نجس البدن من اللبث فيه . 
ويمنع من اختلاط النساء بالرجال وإيذاء المصلين بقول أو فعل . 
ويمنع السكران من دخوله . 
قال الإمام  ابن عقيل    : أنا أبرأ إلى الله - تعالى - من جموع أهل زماننا في المساجد والمشاهد ليالي يسمونها إحياء ، لعمري إنها لإحياء أهوائهم . 
وإيقاد شهواتهم . 
قال في الآداب : وهذا في زمانه الذي بيننا وبينه نحو ثلاثمائة سنة . 
قال وما يجري بالشام  ومصر  والعراق  وغيرها من بلاد الإسلام في المواسم من المنكرات في زماننا أضعاف ما كان في زمانه فإنا لله وإنا إليه راجعون . 
قلت    : وهذا الذي قاله ابن مفلح  في آدابه في زمانه ، وهو  رضي الله عنه قد توفي سنة ثلاث وستين وسبعمائة ، فما بالك بعصرنا هذا الذي نحن فيه وهو في المائة الثانية عشر ، وقد انطمست معالم الدين ، وطفئت إلا من بقايا حفظة الدين ، فصارت السنة بدعة ، والبدعة شرعة ، والعبادة عادة والعادة عبادة . 
فعالمهم عاكف على شهواته ، وحاكمهم متماد في غفلاته ، وأميرهم لا حلم لديه ، ولا دين ، وغنيهم لا رأفة عنده ، ولا رحمة للمساكين ، وفقيرهم متكبر ، وغنيهم متجبر . 
مطلب : متصوفة زماننا وما يفعلونه من المنكرات . 
فلو رأيت جموع صوفية زماننا ، وقد أوقدوا النيران ، وأحضروا آلات المعازف بالدفوف المجلجلة ، والطبول والنايات والشباب ، وقاموا على أقدامهم يرقصون ويتمايلون ، لقضيت بأنهم فرقة من بقية أصحاب السامري  وهم على عبادة عجلهم يعكفون . 
أو حضرت مجمعا وقد حضره العلماء بعمائمهم الكبار والفراء المثمنة ، والهيئات المستحسنة ، وقدموا قصاب الدخان ، التي هي لجامات الشيطان ، وقد ابتدر ذو نغمة ينشد من الأشعار المهيجة  [ ص: 315 ] فوصف الخدود والنهود والقدود ، وقد أرخى القوم رءوسهم ونكسوها ، واستمعوا للنغمة واستأنسوها ، لقلت وهم لذلك مطرقون : ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون . 
فإنا لله وإنا إليه راجعون . 
وكل هذا بالنسبة لطائفة زعمت العرفان يهون . 
فإنهم مع انكبابهم على الشهوات ، وارتكابهم المعاصي وانتحالهم الشبهات ، يزعمون الاتحاد والحلول ، ويزعمون أنهم الطائفة الناجية ، وأنهم هم الأئمة والفحول . 
ولقد صدق رسول الله  صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق كما في صحيح  البخاري  من حديث  أنس  رضي الله عنه { لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه سمعته من نبيكم  صلى الله عليه وسلم    } . 
والله الموفق . . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					