مطلب : في أن الدعاء جوف الليل مستجاب : وناد إذا ما قمت في الليل سامعا قريبا مجيبا بالفواضل يبتدي   ( وناد ) أي ادع ( إذا ما قمت ) أي في وقت قيامك وما زائدة ( في ) جوف ( الليل ) وهو ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر الثاني ربا ( سامعا ) مفعول ناد فإنه جل شأنه يسمع دعاء من دعاه ، ويبصر تضرع من تضرع إليه وناداه . فيسمع حركة النملة الدهماء ، على الصخرة الصماء ، في الليلة الظلماء . وقوله ( قريبا مجيبا ) وصفان له سبحانه وتعالى وهو منتزع من قوله سبحانه وتعالى { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان     } ( بالفواضل ) أي الأيادي الجسيمة أو الجميلة . وفواضل المال ما يأتيك من غلته ومرافقه ، ولذا قالوا إذا عزب المال قلت فواضله . قال في النهاية : أي إذا بعدت الضيعة قل المرفق منها . 
والجار والمجرور متعلق بقوله ( يبتدي ) أي يبتدي بالعطايا الجسيمة ; والمواهب الوسيمة ; من غير سؤال ، فكيف بعد السؤال والتضرع والابتهال . 
وقد روى الإمام  أحمد  بإسناد لا بأس به عن  أبي هريرة  رضي الله عنه مرفوعا { ما من مسلم ينصب وجهه إلى الله عز وجل في مسألة إلا أعطاها إياه إما أن يعجلها له وإما أن يدخرها له    } . 
وروى الإمام  أحمد  أيضا  والبزار  وأبو يعلى  بأسانيد جيدة  والحاكم  وقال صحيح الإسناد عن  أبي سعيد الخدري  رضي الله عنه أن النبي  صلى الله عليه وسلم قال { ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه  [ ص: 509 ] الله بها إحدى ثلاث : إما أن تعجل له دعوته ، وإما أن يدخرها له في الآخرة ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها . قالوا إذن نكثر . قال الله أكثر    } ونحوه في حديث  عبادة بن الصامت  رضي الله عنه مرفوعا رواه الترمذي  وقال حسن صحيح ،  والحاكم  وقال صحيح الإسناد إلا أنه لم يذكر { أو يدخرها له في الآخرة    } قال الجراحي  في { قوله  صلى الله عليه وسلم الله أكثر    } يعني أكثر إجابة . 
وفي رواية في حديث  أبي هريرة    { ما من مؤمن ينصب وجهه إلى الله تعالى يسأله إلا أعطاه إياها إما أن يجعلها له في الدنيا ، وإما أن يدخرها له في الآخرة ما لم يعجل ، قالوا وما عجلته ؟ قال يقول دعوت الله عز وجل فلا أراه يستجاب لي    } رواه  البخاري   ومسلم  وغيرهما . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					