مطلب : فيما يجوز خصاؤه وما لا يجوز : وفيما سوى الأغنام قد كرهوا الخصا لتعذيبه المنهي عنه بمسند   ( وفيما ) أي حيوان غير آدمي فيحرم كما نبينه ( سوى الأغنام ) جمع غنم ، وهي الشاة لا واحد لها من لفظه . قال الجوهري    : الغنم اسم يؤنث يوضع للجنس يقع على الذكور ، والإناث ، وإذا صغرتها لحقتها الهاء فقلت غنيمة ; لأن  [ ص: 37 ] أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت لغير الآدميين ، فالتأنيث لها لازم يقال لها خمس من الغنم ذكور فتؤنث العدد ، وإن عنيت الكباش إذا كان ثلاثة من الغنم ; لأن العدد يجري في تذكيره وتأنيثه على اللفظ لا على المعنى ، والإبل كالغنم فيما ذكرنا ( قد كرهوا ) أي مشايخ المذهب ( الخصا لتعذيبه ) أي المخصي أي علة الكراهة تعذيب الحيوان ( المنهي ) من حضرة الرسالة ( عنه ) أي عن التعذيب ( بمسند ) الأخبار عن النبي المختار كما في الصحيحين وغيرهما عن  ابن عمر  رضي الله عنهما أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال ( { لعن الله من مثل بالحيوان    } وفي رواية ( { لعن الله من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا    } . 
وهذا النهي للتحريم ; لأنه تعذيب للحيوان وإتلاف لنفسه وتضييع لماليته وتفويت لذكاته إن كان يذكى أو لمنفعته إن لم يكن يذكى بخلاف الخصاء ، فإنه لمصلحة راجحة فلا يحرم ولأن ذبح الحيوان تعذيب له ، وهو مباح لمصلحة الأكل ونحوها . 
نعم روى الإمام  أحمد  وغيره من حديث  عبد الله بن نافع  ، وهو ضعيف عن أبيه عن  ابن عمر  رضي الله عنهما قال {   : نهى رسول الله  صلى الله عليه وسلم عن إخصاء الخيل ، والبهائم     } قال  ابن حزم    : واتفقوا على أن خصاء الناس من أهل الحرب ، والعبيد وغيرهم في غير القصاص  والتمثيل بهم حرام . وفي الإقناع ، والمنتهى وغيرهما ويكره خصاء غير غنم وديوك . 
قال في الآداب الكبرى : يباح خصاء الغنم لما فيه من إصلاح لحمها ، وهذا المذهب المعتمد ، والمنصوص عنه  رضي الله عنه كراهة الخصاء من غنم وغيرها إلا خوف غضاضة قال : لا يعجبني الرجل أن يخصي شيئا ، وإنما أكره ذلك للنهي الوارد عن إيلام الحيوان ، والشدخ في الخصاء أهون من الجب . 
وقال  ابن عقيل    : لا يجوز إخصاء البهائم ولا كيها بالنار للوسم ، ويجوز للمداواة حسبما أجزنا في حق الناس في إحدى الروايتين ، وذكر في موضع آخر أن ذلك وخزمها في أنفها لقصد المثلة إثم ، وإن كان ذلك لغرض صحيح جاز قال : وأما فعل ذلك في الآدميين فيحصل به الفسق . 
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية  قول  ابن عقيل  الأول ، وقال : فعلى قوله لا يجوز وسمها بحال ، وهو  [ ص: 38 ] ضعيف ، وقال  ابن عقيل  في مناظراته : لا يملك إيقاع الأضرار بمثله ولا جراحه ولا كيه ولا وسمه ، وقد علمت أن المذهب جواز خصاء الغنم والديوك  ويحرم في الآدمي ، ويكره فيما عدا ذلك ، وعند  الشافعي  يحرم خصاء الآدمي ومن الحيوان الذي لا يؤكل ، وكذا ما يؤكل في كبره لا في صغره والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					