مطلب : في الزهد . 
ولما كان من لازم القناعة الزهد ، وكان العز فيهما جميعا ، عطف الزهد عليها فقال : ( و ) في ( التزهد ) تفعل من زهد ضد رغب ، كأنه تكلف الزهد في الدنيا . وقد جاء في مدح الزهد  أخبار وآثار عن النبي المختار ، والسلف والأخيار . 
فمنها ما رواه  ابن ماجه  وحسنه بعض المشايخ كالنووي  عن  سهل بن سعد الساعدي  رضي الله عنه قال { جاء رجل إلى النبي  صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس ، قال ازهد في الدنيا يحبك الله ، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس    } . 
وذكر  ابن أبي الدنيا  معضلا عن  إبراهيم بن أدهم  رحمه الله قال {   : جاء رجل إلى النبي  صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله دلني على عمل يحبني الله عليه ويحبني الناس عليه ، فقال : أما العمل الذي يحبك الله عليه فالزهد في الدنيا ، وأما العمل الذي يحبك الناس عليه فانبذ إليهم ما في يدك من الحطام    } . ورواه بعضهم عن إبراهيم  عن منصور  عن ربعي بن خراش  قال : جاء رجل فذكره مرسلا . 
وروى  الطبراني  بسند مقارب عن  أبي هريرة  مرفوعا { والزهد في الدنيا يريح القلب والجسد    } . 
ويروى عن  ابن عباس  رضي الله عنهما قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم { إن الله عز وجل ناجى موسى  بمائة ألف وأربعين ألف كلمة في ثلاثة أيام ، فلما سمع موسى  كلام الآدميين مقتهم لما وقع في مسامعه من كلام الرب جل وعلا . وكان فيما ناجاه به أنه قال يا موسى  إنه لم يتصنع لي المتصنعون بمثل الزهد في الدنيا ، ولم يتقرب إلي المتقربون بمثل الورع عما حرمت عليهم ، ولم يتعبد لي المتعبدون بمثل البكاء من خشيتي . قال موسى  يا رب البرية كلها ويا مالك يوم الدين ويا ذا الجلال والإكرام ماذا أعددت  [ ص: 539 ] لهم وماذا جزيتهم ؟ قال أما الزهاد في الدنيا فإني أبحتهم جنتي ، يتبوءون منها حيث شاءوا . وأما الورعون عما حرمت عليهم فإنه إذا كان يوم القيامة لم يبق عبد إلا ناقشته وفتشته إلا الورعون فإني أستحييهم وأجلهم وأكرمهم وأدخلهم الجنة بغير حساب . وأما البكاءون من خشيتي فأولئك لهم الرفيق الأعلى لا يشاركون فيه    } رواه  الطبراني  والأصبهاني  وأورده الحافظ  المنذري  بصيغة التمريض . 
وعن  عمار بن ياسر  رضي الله عنه مرفوعا { ما تزين الأبرار في الدنيا بمثل الزهد في الدنيا    } رواه أبو يعلى  وهو حديث ضعيف . ومثله ما رواه عن  عبد الله بن جعفر  رضي الله عنهما مرفوعا { إذا رأيتم من يزهد في الدنيا فادنوا منه ، فإنه يلقي الحكمة    } . 
والأخبار في هذا المعنى كثيرة جدا ، وفيما ذكرناه كفاية . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					