مطلب : في الكفاءة وأنها معتبرة في خمسة أشياء .
( تنبيهات ) :
( الأول ) : في
nindex.php?page=treesubj&link=11281الكفاءة روايتان عن الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رضي الله عنه .
إحداهما أنها شرط لصحة النكاح ، فإذا فاتت لم يصح وإن رضي أولياء الزوجة وهي به ، لما روى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني بإسناده عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=3693لا تنكحوا النساء إلا الأكفاء ، ولا يزوجهن إلا الأولياء } .
[ ص: 408 ]
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه " لأمنعن فروج ذوي الأحساب إلا من الأكفاء ولأنه تصرف يتضرر به من لم يرض به فلم يصح ، كما لو زوجها وليها بغير رضاها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان لجرير : إنكم معشر العرب لا يتقدم في صلاتكم ، ولا تنكح نساؤكم . إن الله فضلكم علينا
بمحمد صلى الله عليه وسلم وجعله فيكم .
والرواية الثانية أن الكفاءة ليست شرطا ، وهي المذهب . نعم هي شرط للزوم النكاح . قال في الإقناع كغيره : والكفاءة في زوج شرط للزوم النكاح لا لصحته فيصح مع فقدها فهي حق للمرأة والأولياء كلهم حتى من يحدث ، فلو زوجت بغير كفء فلمن لم يرض الفسخ من المرأة والأولياء جميعهم فورا ومتراخيا . ويملكه الأبعد مع رضا الأقرب والزوجة . نعم لو
nindex.php?page=treesubj&link=27115_11288_11287_11285_11284زالت الكفاءة بعد العقد اختص الخيار بالزوجة فقط .
والكفاءة معتبرة في خمسة أشياء : أحدها : الدين ، فلا يكون الفاجر والفاسق كفؤا لعفيف عدل .
الثاني : المنصب وهو النسب ، فلا يكون الأعجمي وهو من ليس من العرب كفؤا لعربية .
( الثالث ) : الحرية ، فلا يكون العبد ولو مبعضا كفؤا لحرة ولو عتيقة .
( الرابع ) : الصناعة ، فلا يكون صاحب صناعة دنيئة كحجامة ، وحياكة ، وزبال ، وكساح كفؤا لبنت من هو صاحب صناعة جليلة كالتاجر والبزاز وصاحب العقار .
( الخامس ) : اليسار بمال بحسب ما يجب لها من المهر والنفقة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل بحيث لا تتغير عليها عادتها عند أبيها في بيته ، فلا يكون العسر كفؤا لموسرة ، وليس مولى القوم كفؤا لهم ، ويحرم تزويجها بغير كفء إلا برضاها ويفسق به الولي ، ويسقط خيارها بما يدل على الرضا من قول أو فعل . وأما الأولياء فلا يسقط إلا بالقول ، ولا تعتبر هذه الصفات في المرأة فليست الكفاءة شرطا في حقها للرجل .
الثاني : من قال إن الكفاءة شرط لصحة النكاح كالشافعية ، والرواية
[ ص: 409 ] المرجوحة عندنا محجوج بأن {
النبي صلى الله عليه وسلم زوج زيدا مولاه ابنة عمته nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب بنت جحش ، وزوج ابنه nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة رضي الله عنه nindex.php?page=showalam&ids=11129فاطمة بنت قيس الفهرية القرشية } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .
وقالت
عائشة رضي الله عنها : إن
أبا حذيفة تبنى
سالما وأنكحه ابنة أخيه
هندا ابنة الوليد بن عتبة بن ربيعة ، أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
( الثالث ) : العرب بعضهم لبعض أكفاء ، والعجم بعضهم لبعض أكفاء . لأن
nindex.php?page=showalam&ids=53المقداد بن الأسود الكندي تزوج
nindex.php?page=showalam&ids=10960ضباعة ابنة الزبير عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وزوج
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر أخته
nindex.php?page=showalam&ids=185الأشعث بن قيس الكندي ، وزوج
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ابنته
أم كلثوم nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنهم .
فبنو هاشم كغيرهم من العرب .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن غير المنتسب إلى العلماء والصلحاء المشهورين ليس كفؤا للمنتسب إليهما ، وليس المحترف كفؤا لبنت العالم .
وعن الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رضي الله عنه أن الكفاءة الدين والنسب ، اختاره
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي .
وقال بعض متأخري الأصحاب : إذا قلنا الكفاءة لحق الله اعتبر الدين فقط ، وأنشدوا في ذلك :
ألا إنما التقوى هي العز والكرم وحبك للدنيا هو الذل والسقم وليس على عبد تقي نقيصة
إذا حقق التقوى وإن حاك أو حجم
والله تعالى الموفق .
مَطْلَبٌ : فِي الْكَفَاءَةِ وَأَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) :
( الْأَوَّلُ ) : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=11281الْكَفَاءَةِ رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
إحْدَاهُمَا أَنَّهَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ ، فَإِذَا فَاتَتْ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ رَضِيَ أَوْلِيَاءُ الزَّوْجَةِ وَهِيَ بِهِ ، لِمَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=3693لَا تُنْكِحُوا النِّسَاءَ إلَّا الْأَكْفَاءَ ، وَلَا يُزَوِّجْهُنَّ إلَّا الْأَوْلِيَاءُ } .
[ ص: 408 ]
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَأَمْنَعَنَّ فُرُوجَ ذَوِي الْأَحْسَابِ إلَّا مِنْ الْأَكْفَاءِ وَلِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ يَتَضَرَّرُ بِهِ مَنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ فَلَمْ يَصِحَّ ، كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=23سَلْمَانُ لِجَرِيرٍ : إنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ لَا يَتَقَدَّمُ فِي صَلَاتِكُمْ ، وَلَا تُنْكَحُ نِسَاؤُكُمْ . إنَّ اللَّهَ فَضَّلَكُمْ عَلَيْنَا
بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَهُ فِيكُمْ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ الْكَفَاءَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا ، وَهِيَ الْمَذْهَبُ . نَعَمْ هِيَ شَرْطٌ لِلُزُومِ النِّكَاحِ . قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ كَغَيْرِهِ : وَالْكَفَاءَةُ فِي زَوْجٍ شَرْطٌ لِلُزُومِ النِّكَاحِ لَا لِصِحَّتِهِ فَيَصِحَّ مَعَ فَقْدِهَا فَهِيَ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ وَالْأَوْلِيَاءِ كُلِّهِمْ حَتَّى مَنْ يُحَدِّثَ ، فَلَوْ زُوِّجَتْ بِغَيْرِ كُفْءٍ فَلِمَنْ لَمْ يَرْضَ الْفَسْخَ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْأَوْلِيَاءِ جَمِيعِهِمْ فَوْرًا وَمُتَرَاخِيًا . وَيَمْلِكُهُ الْأَبْعَدُ مَعَ رِضَا الْأَقْرَبِ وَالزَّوْجَةُ . نَعَمْ لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=27115_11288_11287_11285_11284زَالَتْ الْكَفَاءَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ اخْتَصَّ الْخِيَارُ بِالزَّوْجَةِ فَقَطْ .
وَالْكَفَاءَةُ مُعْتَبَرَةٌ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ : أَحَدُهَا : الدِّينُ ، فَلَا يَكُونُ الْفَاجِرُ وَالْفَاسِقُ كُفُؤًا لِعَفِيفٍ عَدْلٍ .
الثَّانِي : الْمَنْصِبُ وَهُوَ النَّسَبُ ، فَلَا يَكُونُ الْأَعْجَمِيُّ وَهُوَ مَنْ لَيْسَ مِنْ الْعَرَبِ كُفُؤًا لِعَرَبِيَّةٍ .
( الثَّالِثُ ) : الْحُرِّيَّةُ ، فَلَا يَكُونُ الْعَبْدُ وَلَوْ مُبَعَّضًا كُفُؤًا لِحُرَّةٍ وَلَوْ عَتِيقَةً .
( الرَّابِعُ ) : الصِّنَاعَةُ ، فَلَا يَكُونُ صَاحِبُ صِنَاعَةٍ دَنِيئَةٍ كَحِجَامَةٍ ، وَحِيَاكَةٍ ، وَزَبَّالٍ ، وَكَسَّاحٍ كُفُؤًا لِبِنْتِ مَنْ هُوَ صَاحِبُ صِنَاعَةٍ جَلِيلَةٍ كَالتَّاجِرِ وَالْبَزَّازِ وَصَاحِبِ الْعَقَارِ .
( الْخَامِسُ ) : الْيَسَارُ بِمَالٍ بِحَسَبِ مَا يَجِبُ لَهَا مِنْ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابْنُ عَقِيلٍ بِحَيْثُ لَا تَتَغَيَّرُ عَلَيْهَا عَادَتُهَا عِنْدَ أَبِيهَا فِي بَيْتِهِ ، فَلَا يَكُونُ الْعَسِرُ كُفُؤًا لِمُوسِرَةٍ ، وَلَيْسَ مَوْلَى الْقَوْمِ كُفُؤًا لَهُمْ ، وَيَحْرُمُ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ إلَّا بِرِضَاهَا وَيَفْسُقُ بِهِ الْوَلِيُّ ، وَيَسْقُطُ خِيَارُهَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ . وَأَمَّا الْأَوْلِيَاءُ فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْقَوْلِ ، وَلَا تُعْتَبَرُ هَذِهِ الصِّفَاتُ فِي الْمَرْأَةِ فَلَيْسَتْ الْكَفَاءَةُ شَرْطًا فِي حَقِّهَا لِلرَّجُلِ .
الثَّانِي : مَنْ قَالَ إنَّ الْكَفَاءَةَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ كَالشَّافِعِيَّةِ ، وَالرِّوَايَةُ
[ ص: 409 ] الْمَرْجُوحَةُ عِنْدَنَا مَحْجُوجٌ بِأَنَّ {
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّجَ زَيْدًا مَوْلَاهُ ابْنَةَ عَمَّتِهِ nindex.php?page=showalam&ids=15953زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ ، وَزَوَّجَ ابْنَهُ nindex.php?page=showalam&ids=111أُسَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ nindex.php?page=showalam&ids=11129فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ الْفِهْرِيَّةَ الْقُرَشِيَّةَ } رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ .
وَقَالَتْ
عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : إنَّ
أَبَا حُذَيْفَةَ تَبَنَّى
سَالِمًا وَأَنْكَحَهُ ابْنَةَ أَخِيهِ
هِنْدًا ابْنَةَ الْوَلِيدِ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ .
( الثَّالِثُ ) : الْعَرَبُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءُ ، وَالْعَجَمُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءُ . لِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=53الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ الْكِنْدِيَّ تَزَوَّجَ
nindex.php?page=showalam&ids=10960ضُبَاعَةَ ابْنَةَ الزُّبَيْرِ عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَزَوَّجَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ أُخْتَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=185الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ الْكِنْدِيَّ ، وَزَوَّجَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ ابْنَتَهُ
أُمَّ كُلْثُومٍ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .
فَبَنُو هَاشِمٍ كَغَيْرِهِمْ مِنْ الْعَرَبِ .
وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ أَنَّ غَيْرَ الْمُنْتَسِبِ إلَى الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ الْمَشْهُورِينَ لَيْسَ كُفُؤًا لِلْمُنْتَسِبِ إلَيْهِمَا ، وَلَيْسَ الْمُحْتَرِفُ كُفُؤًا لِبِنْتِ الْعَالِمِ .
وَعَنْ الْإِمَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الْكَفَاءَةَ الدِّينُ وَالنَّسَبُ ، اخْتَارَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14209الْخِرَقِيُّ .
وَقَالَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْأَصْحَابِ : إذَا قُلْنَا الْكَفَاءَةَ لِحَقِّ اللَّهِ اُعْتُبِرَ الدِّينُ فَقَطْ ، وَأَنْشَدُوا فِي ذَلِكَ :
أَلَا إنَّمَا التَّقْوَى هِيَ الْعِزُّ وَالْكَرَمُ وَحُبُّك لِلدُّنْيَا هُوَ الذُّلُّ وَالسَّقَمُ وَلَيْسَ عَلَى عَبْدٍ تَقِيٍّ نَقِيصَةٌ
إذَا حَقَّقَ التَّقْوَى وَإِنْ حَاكَ أَوْ حَجَمْ
وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ .