ثم إن الناظم رحمه الله تعالى ذكر لهذه المرأة التي تسر زوجها إذا نظر إليها أوصافا لا بد لها منها فقال :
مطلب : في
nindex.php?page=treesubj&link=10811أوصاف المرأة المحمودة : قصيرة ألفاظ قصيرة بيتها قصيرة طرف العين عن كل أبعد ( قصيرة ألفاظ ) أي ليست طويلة اللسان على زوجها ولا على غيره ; ولا هي قبيحة الألفاظ بحيث أنها تستطيل على بعلها بكلامها ولا هي بالبذية بل قصيرة اللسان والألفاظ لا تتكلم إلا بما فيه منفعة . وهذا قصر معنوي ( قصيرة بيتها ) أي مقصورة على بيتها لا تدور في البيوت والأسواق . بل لا تزال مقيمة في بيتها مقصورة فيه . وهذا مأخوذ من قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=72حور مقصورات في الخيام } قال المفسرون أي مستورات . قال
أبو عبيدة : المقصورات المحبوسات .
قال الإمام المحقق
ابن القيم في حادي الأرواح إلى منازل الأفراح . وفيه معنى آخر وهو أن يكون المراد أنهن محبوسات على أزواجهن لا يردن غيرهم وهم في الخيام . وهذا معنى قول من قال قصرن على أزواجهن فلا يردن غيرهم ولا يطمحن إلى سواهم ; ذكره
الفراء ( قصيرة طرف العين ) أي لا تطمح بطرفها إلى غير زوجها .
وهذا معنى قوله : ( عن كل ) رجل ( أبعد ) بل طرفها مقصور على زوجها فقط . وهذا المعنى متحد هو والذي قبله على التفسير الثاني . لكن هنا قاصرات الطرف بأنفسهن وهناك
[ ص: 423 ] مقصورات ; وكأن من فسر قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=72مقصورات في الخيام } فر من أن يكن محبوسات في الخيام لا تفارقها إلى الغرف والبساتين . وأهل القول الأول يجيبون عن هذا بأن الله سبحانه وتعالى وصفهن بصفات النساء المخدرات المصونات وذلك أكمل في الوصف . ولا يلزم أنهن لا يفارقن الخيام إلى الغرف والبساتين .
كما أن نساء الملوك ومن دونهم من المخدرات المصونات لا يمتنع أن يخرجن في سفر وغيره إلى منتزه وبستان ونحوه ; فوصفهن اللازم لهن القصر في البيت ; وقد يعرض لهن مع الخدم الخروج إلى البساتين ونحوها . وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد مقصورات قلوبهن على أزواجهن في خيام اللؤلؤ فهو مستفاد من قوله قاصرات الطرف .
ثُمَّ إنَّ النَّاظِمَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ الَّتِي تَسُرُّ زَوْجَهَا إذَا نَظَرَ إلَيْهَا أَوْصَافًا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهَا فَقَالَ :
مَطْلَبٌ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=10811أَوْصَافِ الْمَرْأَةِ الْمَحْمُودَةِ : قَصِيرَةُ أَلْفَاظٍ قَصِيرَةُ بَيْتِهَا قَصِيرَةُ طَرْفِ الْعَيْنِ عَنْ كُلِّ أَبْعَدِ ( قَصِيرَةُ أَلْفَاظٍ ) أَيْ لَيْسَتْ طَوِيلَةَ اللِّسَانِ عَلَى زَوْجِهَا وَلَا عَلَى غَيْرِهِ ; وَلَا هِيَ قَبِيحَةُ الْأَلْفَاظِ بِحَيْثُ أَنَّهَا تَسْتَطِيلُ عَلَى بَعْلِهَا بِكَلَامِهَا وَلَا هِيَ بِالْبَذِيَّةِ بَلْ قَصِيرَةُ اللِّسَانِ وَالْأَلْفَاظِ لَا تَتَكَلَّمُ إلَّا بِمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ . وَهَذَا قِصَرٌ مَعْنَوِيٌّ ( قَصِيرَةُ بَيْتِهَا ) أَيْ مَقْصُورَةٌ عَلَى بَيْتِهَا لَا تَدُورُ فِي الْبُيُوتِ وَالْأَسْوَاقِ . بَلْ لَا تَزَالُ مُقِيمَةً فِي بَيْتِهَا مَقْصُورَةً فِيهِ . وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=72حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ } قَالَ الْمُفَسِّرُونَ أَيْ مَسْتُورَاتٌ . قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : الْمَقْصُورَاتُ الْمَحْبُوسَاتُ .
قَالَ الْإِمَام الْمُحَقِّقُ
ابْنُ الْقَيِّمِ فِي حَادِي الْأَرْوَاحِ إلَى مَنَازِلِ الْأَفْرَاحِ . وَفِيهِ مَعْنًى آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ لَا يُرِدْنَ غَيْرَهُمْ وَهُمْ فِي الْخِيَامِ . وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ قُصِرْنَ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فَلَا يُرِدْنَ غَيْرَهُمْ وَلَا يَطْمَحْنَ إلَى سِوَاهُمْ ; ذَكَرَهُ
الْفَرَّاءُ ( قَصِيرَةُ طَرْفِ الْعَيْنِ ) أَيْ لَا تَطْمَحُ بِطَرْفِهَا إلَى غَيْرِ زَوْجِهَا .
وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ : ( عَنْ كُلِّ ) رَجُلٍ ( أَبْعَدِ ) بَلْ طَرْفُهَا مَقْصُورٌ عَلَى زَوْجِهَا فَقَطْ . وَهَذَا الْمَعْنَى مُتَّحِدٌ هُوَ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ عَلَى التَّفْسِيرِ الثَّانِي . لَكِنَّ هُنَا قَاصِرَاتٌ الطَّرْفِ بِأَنْفُسِهِنَّ وَهُنَاكَ
[ ص: 423 ] مَقْصُورَاتٌ ; وَكَأَنَّ مَنْ فَسَّرَ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=72مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ } فَرَّ مِنْ أَنْ يَكُنَّ مَحْبُوسَاتٍ فِي الْخِيَامِ لَا تُفَارِقُهَا إلَى الْغُرَفِ وَالْبَسَاتِينِ . وَأَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يُجِيبُونَ عَنْ هَذَا بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَصَفَهُنَّ بِصِفَاتِ النِّسَاءِ الْمُخَدَّرَاتِ الْمَصُونَاتِ وَذَلِكَ أَكْمَلُ فِي الْوَصْفِ . وَلَا يَلْزَمُ أَنَّهُنَّ لَا يُفَارِقْنَ الْخِيَامَ إلَى الْغُرَفِ وَالْبَسَاتِينِ .
كَمَا أَنَّ نِسَاءَ الْمُلُوكِ وَمَنْ دُونَهُمْ مِنْ الْمُخَدَّرَاتِ الْمَصُونَاتِ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَخْرُجْنَ فِي سَفَرٍ وَغَيْرِهِ إلَى مُنْتَزَهٍ وَبُسْتَانٍ وَنَحْوِهِ ; فَوَصْفُهُنَّ اللَّازِمُ لَهُنَّ الْقَصْرُ فِي الْبَيْتِ ; وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُنَّ مَعَ الْخَدَمِ الْخُرُوجُ إلَى الْبَسَاتِينِ وَنَحْوِهَا . وَأَمَّا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ مَقْصُورَاتٌ قُلُوبُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فِي خِيَامِ اللُّؤْلُؤِ فَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ .