[ ص: 97 ] 490 - باب بيان مشكل ما روي في الطفل والطفلة إذا تنازعه أبواه أيهما أولى أن يكون عنده منهما
3085 - حدثنا ، قال : حدثنا يحيى بن عثمان ، قال : حدثنا نعيم بن حماد ، قال : أخبرنا عبد الله بن المبارك ، عن ابن عيينة ، عن زياد بن سعد ، عن هلال بن أبي ميمونة أبي ميمونة - وليس بأبيه - عن رضي الله عنه أبي هريرة أنه أتي في غلام بين أبوين ، فقال : شهدت النبي صلى الله عليه وسلم أتي بغلام بين أبويه ، فقال : يا غلام هذه أمك وهذا أبوك فاختر .
3086 - وحدثنا محمد بن النعمان ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا الحميدي ، قال : حدثنا سفيان ، قال : سمعت من زياد بن سعد يحدثه عن هلال بن أبي ميمونة أبي ميمونة ، قال : [ ص: 98 ] رجل فارسي وامرأة له يختصمان في ابن لهما ، فقال الفارسي : يا أبا هريرة هذا بسر يعني ابنا . فقال أبا هريرة : لأقضين بينكما بما شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى به ، يا غلام هذا أبوك ، وهذه أمك فاختر أيهما شئت ، ثم قال أبو هريرة : شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه رجل وامرأة يختصمان في ابن لهما ، فقال الرجل : يا رسول الله ابني يستقي من بئر أبي عنبة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا أبوك وهذه أمك ، فاختر أيهما شئت أبو هريرة أتى .
قال : ففي هذا الحديث يخير رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الصبي بين أبويه ، وفي ذلك متعلق لمن يذهب إلى التخيير في مثل هذا على من لا يذهب إلى التخيير فيه ممن يحتج بحديث ابنة حمزة الذي رويناه في الباب الذي قبل هذا الباب ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخير فيه ابنة حمزة بين عصبتها لتختار أيهم شاءت .
وإلى هذا كان يذهب أكثر الكوفيين في ترك التخيير فيه ، وكان كثير من أهل الحجاز يستعملون التخيير في هذا للحديث الذي قد رويناه فيه عن . أبي هريرة
[ ص: 99 ] غير أن عليهم في ذلك مطالبات لبعض من يخالفهم في ذلك أن حديث زياد لم يستوعب ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الصبي ، وقد استوعبه حديث غيره ممن ليس بدونه وهو . يحيى بن أبي كثير
3087 - كما قد حدثنا أبو بكر محمد بن عبدة بن عبد الله بن زيد المروزي ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع ، عن معاوية بن سلام ، قال : حدثني يحيى - وهو ابن أبي كثير - ، عن هلال بن أبي ميمونة رضي الله عنه - ولم يذكر في إسناده أبي هريرة أبا ميمونة - ، قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن زوجي يريد أن يحول بيني وبين ابني ، وكان قد طلقها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : استهما عليه ، فقال الرجل : من يحول بيني وبين ابني ، فخير رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلام بين أبيه وأمه ، فاختار أمه ، فذهبت به .
3088 - كما حدثنا ، قال : حدثنا يحيى بن عثمان ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن شبويه ، عن وكيع علي بن المبارك ، عن ، عن يحيى بن أبي كثير أبي ميمونة ، عن - ولم يذكر فيه أبي هريرة هلالا - ، قال : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها ، وكان زوجها طلقها ، فأراد أبوه أن يأخذه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : استهما فيه ، فقال الرجل من يحول بيني وبين ابني ، [ ص: 100 ] فقال النبي صلى الله عليه وسلم للغلام : اختر أيهما شئت ، فاختار الأم ، فذهبت به .
قال : ففي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخير ذلك الغلام بين أبيه وأمه حتى دعا أبويه إلى الاستهام عليه قبل ذلك ، ومن خير بلا دعاء منه الذي يخيره بينهما إلى الاستهام على الصبي المخير قبل التخيير تارك لهذا الحديث ، وعليه في تركه إياه مثل ما على الذي لا يخير في تركه التخيير في هذا الحديث . أبو جعفر
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا في مثل هذا ما قد دل أن التخيير لم يكن منه قضاء به ، ولكنه كان باختيار أبوي الصبي لذلك .
3089 - كما حدثنا ، قال : حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرني عثمان البتي عبد الحميد بن سلمة الأنصاري : أن جده أسلم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تسلم امرأته وله منها ولد ، فاختصما في ولدهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لهما : إن شئتما خيرتكما ، فأجلس الأب ناحية والأم ناحية ، ثم خير الغلام ، فانطلق نحو أمه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم اهده ، فرجع الغلام إلى أبيه .
[ ص: 101 ] هكذا روى هشيم هذا الحديث عن عبد الحميد ، وقد خالفه غيره في إسناده ، فرواه زائدا على ما رواه عليه هشيم .
3090 - كما قد حدثنا ، قال : حدثنا يحيى بن عثمان ، قال : حدثنا نعيم ، عن عيسى بن يونس ، عن عبد الحميد بن جعفر الأنصاري أبيه ، عن جده رافع بن سنان أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ابنتي - وهي فطيم أو شبهه - وقد أدركت ابنتي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اقعد ، وقال : اقعدي ناحية ، وأقعد الصبية بينهما ، وقال : ادعواها ، فجاءت الصبية إلى أمها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم اهدها ، فذهبت إلى أبيها فأخذها .
[ ص: 102 ] قال : وفي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبوي هذه الصبية أن يدعواها ، وهذا مما قد دل أن هذا من الحكم في مثلها . أبو جعفر
3091 - وكما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا حجاج بن منهال ، عن حماد بن سلمة ، عن عثمان البتي عبد الحميد بن سلمة ، عن أبيه أن رجلا أسلم ولم تسلم امرأته ، فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في صبي لهما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل لكما أن تخيراه ؟ فقالا : نعم ، فنادته أمه ، فذهب نحوها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم اهده ، فناداه أبوه ، فانصرف إليه .
[ ص: 103 ] ففي هذا الحديث أيضا أن التخيير إنما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك الصبي باختيار أبويه ذلك ، لا بواجب عليهما فيه .
3092 - وكما قد حدثنا ، قال : حدثنا يحيى بن عثمان ، قال : قلت أحمد بن محمد بن شبويه أخبركم لعبد الرزاق : ، عن سفيان ، عن عثمان البتي عبد الحميد الأنصاري ، عن أبيه ، عن جده أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم ، فجاء بابن له صغير لم يبلغ ، فأجلس النبي صلى الله عليه وسلم الأم هاهنا والأب هاهنا ، ثم خيره ، وقال : اللهم اهده ، فذهب إلى أبيه ؟ فقال عبد الرزاق : نعم .
ففي هذا الحديث أن الغلام لم يكن بلغ وأنه صغير ، ففي ذلك ما قد دل على أن ذكر الإدراك فيما قد رويناه قبله لم يرد به إدراك البلوغ ، ولكنه أريد به إدراك الحكم فيه بما يجب أن يحكم به في مثله .
[ ص: 104 ]
3093 - وكما حدثنا محمد بن بحر بن مطر البغدادي ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا علي بن عاصم وكان من العلم بمكان - ، عن عثمان البتي - عبد الحميد بن أبي سلمة ، عن أبيه ، قال : أسلم أبي وأبت أمي أن تسلم ، فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأنا غلام ، فقال أبي : أنا أحق به ، وقالت أمي : أنا أحق به ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن شئتما خيرته ، فوثبت أمي للطفها بي ، فقالت : قد رضيت ، قال أبي : قد رضيت ، فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا غلام إن شئت اذهب إلى أبيك ، وإن شئت اذهب إلى أمك ، فتوجهت نحو أمي ، فلما رأى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم سمعته يقول من خلفي : اللهم اهده ، فتوجهت إلى أبي حتى قعدت في حجره .
ففي هذا الحديث أيضا أن تخيير النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الصبي ، إنما كان بعد اختيار أبويه أن يخير بينهما .
فوجب بتصحيح ما رويناه في هذا الباب أن لا يخرج عن شيء مما رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ولا يترك ، وأن يكون المستعمل في مثل هذا دعاء أبوي الصبي إلى الاستهام عليه ، فإن أجابا إلى ذلك أسهم بينهما عليه ، وإن أبيا ذلك ثم سألا أن يخير الصبي بينهما ليختار أحدهما ، فيكون أحق به من الآخر فعل ذلك فيه ، وإن لم يكن منهما اختيار في ذلك وجب أن يرجع إلى ما في حديث ابنة حمزة الذي رويناه في الباب الذي قبل هذا الباب ، فيستعمل فيه ، ويقضى [ ص: 105 ] به لمن يراه الحاكم فيه أولى به من المختصمين إليه فيه .
وعبد الحميد صاحب هذا الحديث قد بينه لنا عيسى بن يونس في روايته إياه عنه ، وأنه ، وكان ما نسبه إليه غيره ممن رواه عنه ممن ذكرناه في هذا الباب فقال عبد الحميد بن جعفر هشيم فيه : ابن سلمة ، ووافقه على ذلك ، وقال فيه حماد بن سلمة علي بن عاصم : عبد الحميد بن أبي سلمة ، فكل من نسبه إلى غير جعفر ، فإنما نسبه إلى كنية أبيه ، أو إلى أب من آبائه يسمى بذلك الاسم الذي ذكره به .
وقد حدثني أحمد بن محمد البغدادي ، قال : حدثنا أبو حفص عمرو بن علي ، قال : سمعت يقول : سمعت أبا عاصم يقول : أنا حدثت عبد الحميد بن جعفر البتي بحديث التخيير بالأهواز .
فبان بذلك أن عبد الحميد هذا المذكور في هذه الآثار هو ، كما قال عبد الحميد بن جعفر عيسى بن يونس في الحديث الذي رويناه عنه في هذا الباب .
وقد روي عن رضي الله عنه أنه قضى في مثل هذا بين أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وبين عمر بن الخطاب أم عاصم ابنه التي كان طلقها ، فجعله لها بغير تخيير بينهما فيه ، إلا أن فيه حرفا قد يحتمل أن يكون أريد به التخيير في حال مستأنفة .
[ ص: 106 ] كما حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، عن عاصم الأحول ، قال : عكرمة رضي الله عنه امرأته التي طلق إلى عمر بن الخطاب أبي بكر رضي الله عنه في ولدها ، فقال : هي أحق به ما لم تزوج أو يشب الصبي ، وقال : هي أحنى وأعطف وألطف وأرأف وأرحم أبو بكر . خاصم
[ ص: 107 ] قال : غير أنه قد يحتمل أن يكون قوله : أو يشب الصبي ، لا يريد به حالا يخير فيها ، ولكن يريد به حالا يخرج به من الحضانة ، ويستغني عنها ، فيكون لأبيه دون أمه ، والله عز وجل نسأله التوفيق . أبو جعفر