الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
( لا ) تكره ( تحيتها ) أي العجوز يعني سلامها ولا السلام عليها ( اشهد ) بذلك أو اعلم واعتقد أن السلام على العجوز يجوز بلا كراهة كما قدمنا مطلب : فيما يجوز تشميته وما لا يجوز : وتشميتها واكره كلا الخصلتين للشباب من الصنفين بعدى وأبعد ( و ) كذا لا يكره ( تشميتها ) أي العجوز إذا عطست وحمدت الله قاله الأصحاب .

وحيث انتفت الكراهة خلفتها الإباحة فلا يجب تشميتها ويأتي ( واكره ) أي اعتقد الكراهة وكره ( كلا الخصلتين ) يعني السلام والتشميت ، وكلمة كلا وكلتا إذا أضيفتا إلى ظاهر لزمته حالة واحدة ، تقول جاءني كلا الرجلين ، ورأيت كلا الرجلين .

ونظرت إلى كلا الرجلين وأما إذا أضيفتا إلى ضمير أعربتا إعراب المثنى بالألف رفعا وبالياء نصبا وخفضا والله أعلم ( للشباب ) جمع شاب وهو الفتى ، والمراد هنا من ليس بشيخ ( من ) كلا ( الصنفين ) أي من الرجال والنساء من امرأة ( بعدى و ) رجل ( أبعد ) أي كونهما أجنبيين .

فظاهر نظامه رحمه الله تعالى أن الشاب لا يسلم ولا يشمت المرأة وإن عجوزا ، والمذهب خلافه في العجوز .

قال في الإقناع وتشميت المرأة المرأة والرجل الرجل والمرأة العجوز البرزة ولا يشمت الأجنبية الشابة ولا تشمته . وقال في مكان آخر : ويكره [ ص: 346 ] أن يسلم على امرأة أجنبية إلا أن تكون عجوزا أو برزة . انتهى .

فظاهر عبارته في التشميت اعتبار كونها عجوزا برزة وفي السلام الاكتفاء بأحدهما ، ولم يتكلم الشارح على ذلك ولم ينبه عليه . نعم قال في قوله إلا أن تكون عجوزا أي غير حسناء كما يعلم مما تقدم في حضورها الجماعة . وفي قوله أو إلا أن تكون برزة أي فلا يكره السلام عليها والمراد لا تشتهى لأمن الفتنة انتهى .

والذي يظهر عدم الفرق بين المسألتين وهو ظاهر الغاية والله أعلم . قال ابن تميم : لا يشمت الرجل الشابة ولا تشمته . وفي الرعاية الكبرى : للرجل أن يشمت امرأة أجنبية ، وقيل عجوزا أو شابة برزة ولا تشمته هي . وقيل ولا يشمتها .

قال الإمام الحافظ ابن الجوزي : روينا عن أحمد رضي الله عنه أنه كان عنده رجل من العباد فعطست امرأة الإمام أحمد ، فقال لها العابد يرحمك الله ، فقال أحمد رضي الله عنه عابد جاهل . وعنه رواية لا يشمت الرجل امرأة مطلقا .

وظاهر النظم أن الشابة لا تسلم على الرجل ولا تشمته وإن كان شيخا . ومفهوم كلام الأصحاب يوافقه وإن كانت المرأة غير أجنبية لم يكره شيء من ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية