الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
( الأول ) : قال الإمام المحقق ابن القيم في زاد المعاد : nindex.php?page=treesubj&link=19423المشيات عشرة أنواع ، أحسنها وأسكنها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه : { nindex.php?page=hadith&LINKID=27698كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى تكفأ تكفؤا كأنما ينحط من صبب } .
وقال مرة : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10595إذا مشى تقلع } ، والتقلع الارتفاع من الأرض بجملته كحال المنحط في الصبب ، يعني يرفع رجليه من الأرض رفعا بائنا بقوة ، والتكفؤ التمايل إلى قدام ، كما تتكفأ السفينة في جريها ، وهو أعدل المشيات .
قلت : وفي مسند الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد والترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=34366ما رأيت أحدا أسرع مشية من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكأنما الأرض تطوى له ، كنا إذا مشينا معه نجهد أنفسنا ، وإنه لغير مكترث } .
وروى الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما { nindex.php?page=hadith&LINKID=10596أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى مشى مجتمعا ليس فيه كسل } . [ ص: 349 ] وابن سعد عن مرثد بن مرشد قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى أسرع حتى يهرول الرجل فلا يدركه } .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=27698كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى كأنما ينحدر من صبب } . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وزاد : { nindex.php?page=hadith&LINKID=39495وإذا مشى لكأنما يمشي في صعد } . وفي رواية لابن سعد عنه رضي الله عنه { nindex.php?page=hadith&LINKID=8029أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى تكفأ تكفؤا كأنما ينحط من صبب } . وروي أيضا عنه : { nindex.php?page=hadith&LINKID=27698كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى تقطع كأنما ينحدر من صبب } .
فدلت هذه الأحاديث وأمثالها مما لم نذكر أن مشيته صلى الله عليه وسلم لم تكن بمماتة ولا بمهانة ، والصبب بفتح الصاد المهملة والباء الموحدة الأولى : الموضع المنحدر من الأرض ، وذلك دليل على سرعة مشيه ; لأن المنحدر لا يكاد يثبت في مشيه ، والتقطع الانحدار من الصبب ، والتقطع من الأرض قريب بعضه من بعض .
يعني أنه كان يستعمل التثبت ولا يبين منه في هذه الحالة استعجال ومبادرة شديدة ، وأراد به قوة المشي ، وأنه يرفع رجليه من الأرض رفعا قويا لا كمن يمشي اختيالا ويقارب خطوه ، فإن ذلك من مشي النساء .
نعم ينبغي للإنسان أن يقارب خطاه إذا كان ذاهبا إلى المسجد لأجل الصلاة كما مر .
فأعدل المشيات مشيته صلى الله عليه وسلم فإن الماشي إن كان يتماوت في مشيته ويمشي قطعة واحدة كأنه خشبة محمولة فمشية قبيحة مذمومة .
قال ابن القيم رحمه الله : الثانية من المشيات : أن يمشي بانزعاج واضطراب ، مشي الجمل الأهوج ، وهي مذمومة أيضا ، وهي علامة على خفة عقل صاحبها ، ولا سيما إن كان يكثر الالتفات يمينا وشمالا .
الثالثة : أن يمشي هونا وهي مشية عباد الرحمن .
قال غير واحد من السلف : بسكينة ووقار من غير كبر ولا تماوت ، وهي مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 350 ] الرابعة : السعي . الخامسة : الرمل وتسمى الخبب ، وهي إسراع المشي مع تقارب الخطا بخلاف السعي . السادسة : السيلان ، وهو العدو الخفيف بلا انزعاج .
السابعة : الخوزلى ، وهي مشية فيها تكبر وتخنث . الثامنة : القهقرى وهي المشي إلى ورائه .
التاسعة : الجمزى يثب فيها وثبا . العاشرة : التمايل كمشية النسوان . وإذا مشى بها الرجل كان متبخترا . وأعلاها مشية الهون والتكفؤ انتهى .