الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
( فإني ) الفاء واقعة في جواب مهما النائبة عنها أما ، النائبة عنها الواو ( سوف ) حرف تنفيس واستقبال ( أنظم ) فعل مضارع من النظم وهو [ ص: 35 ] التأليف وضم الشيء إلى آخر كما في القاموس . ونظم اللؤلؤ ينظمه نظما ونظاما ونظمه ألفه وجمعه في سلك فانتظم وتنظم ، والنظام كل خيط ينظم به لؤلؤ ونحوه انتهى .
وفي نهاية nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير في أشراط الساعة : وآيات تتابع كنظام بال قطع سلكه . قال nindex.php?page=showalam&ids=15414النظام : العقد من الجوهر والخرز ونحوهما وسلكه خيطه .
( جملة ) بضم الجيم وسكون الميم جماعة الشيء أي طرفا صالحا .
( من الأدب ) وهو في اللغة : الظرف وحسن التناول . يقال أدب كحسن فهو أديب وجمعه أدباء ، وأدبه علمه فتأدب ، قاله في القاموس .
وفي المطلع : الأدب بفتح الهمزة والدال مصدر أدب الرجل بكسر الدال وضمها لغة إذا صار أديبا في خلق أو علم .
والخلق بضم الخاء واللام صورة الإنسان الباطنة ، وبفتح الخاء صورته الظاهرة . وقال الحافظ ابن حجر في شرح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : الأدب استعمال ما يحمد قولا وفعلا ، وعبر بعضهم عنه بأنه الأخذ بمكارم الأخلاق ، وقيل الوقوف مع المستحسنات ، وقيل هو تعظيم من فوقك والرفق بمن دونك انتهى .
مطلب : الناس في الأدب على طبقات وقال السهروردي : الناس على طبقات : أهل الدنيا ، وأهل الدين ، وأهل الخصوص . nindex.php?page=treesubj&link=18467فأدب أهل الدنيا الفصاحة والبلاغة ، وتحصيل العلوم ، وأخبار الملوك ، وأشعار العرب . nindex.php?page=treesubj&link=19952_19951_19950_19944_19941_19940_19936_18467وأدب أهل الدين مع العلم رياضة النفس ، وتأديب الجوارح ، وتهذيب الطباع ، وحفظ الحدود ، وترك الشهوات ، وتجنب الشبهات . nindex.php?page=treesubj&link=18602_18603وأدب أهل الخصوص حفظ القلوب ورعاية الأسرار ، واستواء السر والعلانية . وقال ابن فارس : الأدب دعاء الناس إلى الطعام ، والمأدبة الطعام لسبب أو غيره ، والآدب بالمد الداعي . واشتقاق الأدب من ذلك كأنه أمر قد أجمع على استحسانه .
وفي الحديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=14737القرآن مأدبة الله في الأرض } يعني مدعاته ، شبه القرآن بصنيع صنعه الناس لهم فيه خير ومنافع ، وفي العرف : ما دعا الخلق إلى المحامد ومكارم الأخلاق وتهذيبها .
( المأثور ) أي المنقول والمروي ، يقال حديث مأثور أي يأثره بمعنى ينقله عدل عن مثله كما قاله أبو عبيد ( عن خير ) أي أفضل وأكرم ( مرشد ) [ ص: 36 ] بضم الميم وكسر الشين المعجمة اسم فاعل من أرشد ، يقال رشد كنصر وفرح رشدا ورشدا ورشادا اهتدى كاسترشد ، واسترشده طلبه ، والرشدى كجمزى اسم منه ، وأرشده الله هداه ، والرشد الاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه . والرشيد من الأسماء الحسنى أي الهادي إلى سواء الصراط والذي حسن تقديره فيما قدر ، والمراد بالمرشد هنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه خير من دعا إلى الله وهدى إلى سواء سبيله بقاله وحاله .
واعلم أن nindex.php?page=treesubj&link=19527_19509تعلم الآداب وحسن السمت والقصد والحياء والسيرة مطلوب شرعا وعرفا .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=11650إن الهدي الصالح والسمت والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة } .
وقال النخعي : كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه نظروا إلى سمته وصلاته وإلى حاله ، ثم يأخذون عنه .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه : تأدبوا ثم تعلموا .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : اطلب الأدب فإنه زيادة في العقل ، ودليل على المروءة مؤنس في الوحدة ، وصاحب في الغربة ، ومال عند القلة . رواه الأصبهاني في منتخبه .
وقال أبو عبد الله البلخي : أدب العلم أكثر من العلم .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16418الإمام عبد الله بن المبارك : لا ينبل الرجل بنوع من العلم ما لم يزين علمه بالأدب . ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في تاريخه .
ويروى عنه أيضا أنه قال : طلبت العلم فأصبت منه شيئا ، وطلبت الأدب فإذا أهله قد بادوا .
وقال بعض الحكماء : لا أدب إلا بعقل ، ولا عقل إلا بأدب .
وكان يقال : العون لمن لا عون له الأدب .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف بن قيس : الأدب نور العقل كما أن النار نور البصر .