الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 127 ] 427 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أمر به عمارا لما سأله عن المذي بغسل مذاكيره والتوضؤ منه .

2696 - حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا أمية بن بسطام ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا روح بن القاسم ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء ، عن إياس بن خليفة ، عن رافع بن خديج ، أن عليا أمر عمارا أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المذي ، فقال : يغسل مذاكيره ويتوضأ .

قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث أمره إياه بغسل مذاكيره .

فقال قائل : ما المراد بذلك ، وغسل المذاكير لا يؤمر به من بال ، وإنما حكم خروج المذي مردود إلى حكم خروج البول .

[ ص: 128 ] فكان جوابنا له في ذلك - بتوفيق الله عز وجل وعونه - : أنه أمره بذلك ليتقلص المذي فلا يخرج ؛ لأن الماء يقطعه عن ذلك ، كما أمر المسلمون من ساق بدنة ولها لبن أن ينضح ضرعها بالماء حتى لا يسيل ذلك اللبن منه ؛ لأن الماء يقلصه .

فمثل ذلك ما أمر به في هذا الحديث من غسل المذاكير إنما هو ليتقلص المذي فلا يخرج ، لا أن ذلك واجب كوجوب وضوء الصلاة في خروجه ، والدليل على ذلك ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه مما قد جاء عنه متواترا .

2697 - كما قد حدثنا أحمد بن أبي عمران ، وإبراهيم بن أبي داود جميعا قالا : حدثنا عمرو بن محمد الناقد ، قال : حدثنا عبيدة بن حميد ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال علي رضي الله عنه : كنت رجلا مذاء ، فأمرت رجلا فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : فيه الوضوء .

2698 - وكما حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري ، قال : [ ص: 129 ] حدثنا سعيد بن منصور ، قال : أنبأنا هشيم ، قال : أنبأنا الأعمش ، عن منذر أبي يعلى الثوري ، عن محمد بن الحنفية قال : سمعته يقول عن أبيه قال : كنت أجد مذيا فأمرت المقداد أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، واستحييت أن أسأله ؛ لأن ابنته عندي ، فسأله فقال : إن كل فحل يمذي ، فإذا كان المني ففيه الغسل ، وإذا كان المذي ففيه الوضوء .

2699 - وكما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا عبد الله بن رجاء الغداني ، قال : حدثنا زائدة بن قدامة ، عن أبي حصين ، عن أبي عبد الرحمن ، عن علي رضي الله عنه قال : كنت رجلا مذاء ، وكانت عندي ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : توضأ واغسله .

[ ص: 130 ]

2700 - وكما حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أنبأنا يزيد بن أبي زياد ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن علي رضي الله عنه قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن المذي ، فقال : فيه الوضوء وفي المني الغسل .

2701 - وكما حدثنا الحسين بن نصر ، قال : حدثنا الفريابي ، قال : حدثنا إسرائيل ، قال : حدثنا أبو إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن علي رضي الله عنه قال : كنت رجلا مذاء ، فكنت إذا أمذيت [ ص: 131 ] اغتسلت ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : فيه الوضوء .

2702 - وكما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا عبد الله بن رجاء ، قال : حدثنا زائدة ، قال : حدثنا الركين بن الربيع الفزاري ، عن حصين بن قبيصة ، عن علي رضي الله عنه قال : كنت رجلا مذاء ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إذا رأيت المذي فتوضأ واغسل ذكرك ، وإذا رأيت الماء فاغتسل .

2703 - وكما حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا إبراهيم بن بشار [ ص: 132 ] قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء ، عن عياش بن أنس ، وكما حدثنا أحمد بن شعيب ، قال : أنبأنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء ، عن عائش بن أنس قال : سمعت عليا على المنبر يقول : كنت رجلا مذاء فأردت أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فاستحييت منه ؛ لأن ابنته كانت تحتي ، فأمرت عمارا ، فسأله ، فقال : فيه الوضوء .

وروى عنه أيضا سهل بن حنيف في هذا المعنى مثل ذلك أيضا .

2704 - كما حدثنا نصر بن مرزوق ، وسليمان بن شعيب جميعا قالا : حدثنا يحيى بن حسان ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن محمد بن إسحاق ، عن سعيد بن عبيد بن السباق ، عن أبيه ، عن سهل بن حنيف أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المذي ، فقال : فيه الوضوء .

[ ص: 133 ] قال أبو جعفر : فكان فيما روينا من هذه الآثار إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم في الواجب في خروج المذي أنه الوضوء ، وفي ذلك ما ينفي أن يكون فيه واجب سواه ، وإذا كان الوضوء هو الواجب فيه لا ما سواه كان الذي أمره به فيه غير الوضوء ليس للإيجاب ، ولكن لما سواه مما لا وجه له غير الذي ذكرناه فيه ، والله أعلم ، وإياه نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية