الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
مطلب : في وجوب ضيافة المسلم المسافر النازل به في القرى دون الأمصار .
الثاني عشر : nindex.php?page=treesubj&link=23403_24549_24548_24547ضيافة المسلم المسافر المجتاز واجبة على المسلم النازل به في القرى لا الأمصار مجانا يوما وليلة ، وذلك قدر كفايته مع عدم . وفي الواضح . ولفرسه تبن لا شعير ، ولا تجب لذمي على مسلم إذا اجتاز به ، فإن أبى المسلم من ضيافة المسلم فللضيف طلبه بالضيافة عند حاكم ، فإن تعذر الحاكم جاز للضيف الأخذ من مال المضيف بقدر ضيافته من غير إذنه ، هذا المذهب بلا ريب . [ ص: 159 ] nindex.php?page=treesubj&link=24550وتسن الضيافة ثلاثة أيام ، والمراد يومان مع اليوم الأول كما نصوا عليه ، وما زاد عن الثلاثة أيام فصدقة .
ودليل ما قلنا قوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=37189من كان يؤمن بالله ، واليوم الآخر فليكرم ضيفه } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة . وفي nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما { nindex.php?page=hadith&LINKID=39562، وإن لزورك عليك حقا } ، وكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وغيره واللفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري . قوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=39562، وإن لزورك عليك حقا } أي لزوارك وأضيافك . يقال للزائر زور بفتح الزاي ، سواء فيه الواحد ، والجمع .
وفي موطأ nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وصحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم وأبي داود والترمذي وغيرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=37187من كان يؤمن بالله ، واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، جائزته يوم وليلة ، والضيافة ثلاثة أيام ، فما كان بعد ذلك فهو صدقة . ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه } قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : معناه لا يحل للضيف أن يقيم عنده بعد ثلاثة أيام من غير استدعاء منه حتى يضيق صدره فيبطل أجره .
وأخرج الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13863، والبزار وغيرهما عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { nindex.php?page=hadith&LINKID=21965للضيف على من نزل به من الحق ثلاث ، فما زاد فهو صدقة . وعلى الضيف أن يرتحل لا يؤثم أهل المنزل } وأخرج الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أيضا ورواته ثقات nindex.php?page=showalam&ids=14070، والحاكم ، وقال صحيح الإسناد
عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أيضا رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=9046أيما ضيف نزل بقوم فأصبح الضيف محروما فله أن يأخذ بقدر قراه ولا حرج عليه } وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه عن nindex.php?page=showalam&ids=241أبي كريمة المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه مرفوعا { nindex.php?page=hadith&LINKID=34041ليلة الضيف حق على كل مسلم . فمن أصبح بفنائه فهو عليه دين إن شاء قضى ، وإن شاء ترك } .
وأخرج الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بسند رجاله رجال الصحيح خلا nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة عن nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=30739لا خير [ ص: 160 ] فيمن لا يضيف } .
إلى غير ذلك من الأخبار الصريحة ، والآثار الصحيحة الناطقة بوجوب الضيافة .
قلت : ولا أعلم في زوايا الأرض وجهاتها أشد إكراما للضيف وأكبر اهتماما بشأنه واعتناء بالضيافة ما خلاالأعراب من بلادنا وما حازاها ، وذلك من حدود مصر إلى صفد ، وكذا بلاد حوران وعجلون ، فإنك تلقى في كل بلدة بيتا مختصا بالضيفان . وأهل تلك البلدة أبدا مجتمعون في ذلك المنزل معتدون لمن ينزل بهم ، فإذا نزل بهم الضيف أحضروا له نزله في الحال ، ثم يأخذون بالاهتمام بالاحتفال له ويكرمونه ويتكلفون له ما لا يتكلفون لأنفسهم .
ثم يهيئون له بعد أكله وشربه المنام بالغطاء ، ويعلفون دابته إن كانت من خالص الشعير ، هذا لمن يعرفونه ولمن لا يعرفونه ، فهذا دأبهم أبدا . أغدق الله تعالى عليهم النعمة . وصب عليهم الرحمة ، فإنهم على ميراث أبيهم الخليل إبراهيم عليه الصلاة وأتم التسليم . وأشد الناس من هذه البلاد اعتناء بذلك جماعة الحنابلة أتباع الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رضوان الله عليه ، فإنهم أشد خدمة للضيف وأكبر اهتماما وأعظم احتراما ، حتى إنهم يخصون الضيف بالطيبات ويهيئونها له .
وفي أكثر المحال لا يأكل أكثر أولاد الكرماء إلا مع الأضياف . وأعرف من لا يهنأ له الأكل وحده دائما أبدا . فالله سبحانه يمن عليهم بجزيل الرزق وكثرته ، ويزيدهم من رحمته آمين . .