الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 412 ] 538 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ولاة الأمر بعده ، الذين هم في ولايتهم إياه خلفاء نبوة ، من هم ؟

3347 - حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا أبو مسهر ، قال : حدثنا محمد بن حرب الخولاني الأبرش ، قال : حدثني الزبيدي ، عن الزهري ، عن عمرو بن أبان بن عثمان ، عن جابر بن عبد الله أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أري الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونيط عمر بأبي بكر ، ونيط عثمان بعمر ، فلما قمنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا : أما الرجل الصالح فرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأما ما ذكر من نوط بعضهم بعضا ، فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله عز وجل به نبيه صلى الله عليه وسلم .

[ ص: 413 ] قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث أن ولاة الأمر الذي بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم بعده هم هؤلاء الثلاثة المذكورون في هذا الحديث ، فقد يحتمل أن يكونوا ولاته بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، ويكون له ولاة بعدهم سواهم ، فنظرنا في ذلك .

3348 - فوجدنا علي بن معبد قد حدثنا ، قال : حدثنا الأسود بن عامر ، قال : أخبرنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه الرؤيا ، ويسأل عنها ، فقال ذات يوم : أيكم رأى رؤيا ؟ فقال رجل : أنا يا رسول الله ، رأيت كأن ميزانا دلي من السماء ، فوزنت فيه أنت وأبو بكر ، فرجحت بأبي بكر ، ثم وزن فيه أبو بكر وعمر ، فرجح أبو بكر بعمر ، ووزن فيه عمر وعثمان ، فرجح عمر بعثمان ، ثم رفع الميزان ، فاستاء لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : خلافة نبوة ، ثم يؤتي الله الملك من يشاء .

[ ص: 414 ] ثم نظرنا في ذلك هل روي فيه غير هذا الحديث ، إذ كان في هذا الحديث رفع الميزان الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الموزنين به ولاة ذلك الأمر بعده .

3349 - فوجدنا سليمان بن شعيب الكيساني قد حدثنا ، قال : [ ص: 415 ] حدثنا عبد الرحمن بن زياد ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن سعيد بن جمهان ، عن أبي عبد الرحمن سفينة ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : الخلافة ثلاثون عاما ، ثم يكون الملك ، ثم قال سفينة : أمسك سنتين أبو بكر ، وعشر سنين عمر ، واثنتي عشرة سنة عثمان ، وست سنين علي رضي الله عنهم .

فدل هذا الحديث أن سنين خلافة النبوة في هذه الثلاثون السنة التي قد دخلت فيها مدد خلافة أبي بكر ، ومدد خلافة عمر ، ومدد خلافة عثمان ، ومدد خلافة علي رضي الله عنهم ، وأن ما في الحديثين الأولين مما فيه ذكر أبي بكر وعمر وعثمان بما ذكروا به فيهما لا يذكر لعلي في ذلك معهم ، إنما كان ؛ لأن ما فيهما كان في أبي بكر وعمر وعثمان خاصة ، كما قد روي سوى ذلك في أبي بكر مما لا ذكر لعمر فيه ، وفي عمر مما لا ذكر لأبي بكر ولا لعثمان فيه ، وفي عثمان مما لا ذكر لأبي بكر ولعمر فيه ، فمثل ذلك أيضا علي في هذا المعنى [ ص: 416 ] قد روي فيه ما لا ذكر لأبي بكر ولا لعمر ولا لعثمان فيه ؛ لأنهم رضوان الله عليهم أهل السوابق وأهل الفضائل ، ويتباينون في فضائلهم ، ويتفاضلون فيها كأنبياء الله عز وجل في نبوتهم التي قد جمعتهم ، ثم أخبر الله عز وجل في كتابه بما أخبر به فيهم من قوله : ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض ، وحديث سفينة الذي ذكرنا حصر خلافة النبوة بمدة عقلنا بها أن لها أهلا إلى انقضائها ، وهم هؤلاء الأربعة رضوان الله عليهم ، والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية