الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
مطلب : nindex.php?page=treesubj&link=10810_10794_11289لا يتزوج الرجل الفقير إلا ضرورة : ولا تنكحن في الفقر إلا ضرورة ولذ بوجاء الصوم تهد وتهتد ( ولا تنكحن ) نهي مؤكد بالنون الخفيفة ( في الفقر ) وهو ضد الغنى لأن الفقر وإن كان شرفا في حد ذاته ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=14807اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا } رواه الترمذي ، وأن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام ، لكنه سلم يترقى به إلى الخوض في عرضه وعدم اكتراث الناس به وإعراضهم عنه ، وهو مظنة طموح نظر الزوجة إلى أرباب [ ص: 410 ] الأموال ، واستشراف نفسها إلى أهل البزة من الرجال ، ونبو نظرها عن بعلها الفقير وإن كان يعادل عند الله أضعاف أهل الغنى والنوال ، فلهذا حذر الناظم الحكيم والناصح لإخوانه على حسب ما منحه الخبير العليم ، من nindex.php?page=treesubj&link=10810_10794_10811النكاح في فقره ( إلا ) إذا كان ذلك ( ضرورة ) أي لأجل الضرورة من خوف الزنا الذي هو من أقوى الأسباب الموجبة لدخول النار ، وغضب الجبار ، والحشر مع الأشقياء الفجار ، إلى دار البوار ، والذل والصغار ، أو من خوف دواعي الزنا أو نحو ذلك ، فإذا خاف ذلك تزوج حينئذ .
وينبغي أن يتحرى امرأة صالحة من بيت صالح يغلب على بيتها الفقر لترى ما يأتي به إليها كثيرا ، وليتزوج من مقاربه في السن ، وليتم نقصه بحسن الأخلاق وبذل البشاشة وحسن المعاشرة . وإنما نهى الناظم الفقير عن النكاح مع علمه بفضيلته ، وحث صاحب الشرع عليه في عدة أخبار صحيحة ، وآثار مريحة ; والأمر به في الكتاب القديم المنزل ، على النبي الكريم المرسل ; لأن الفقير إذا تزوج اشتغل باله بالنفقة وتحصيل المعاش ، وربما صار صاحب عيال فيضيق عليه الحال ولا يزال يحتال . فإذا لم يقدر على الحلال ترخص في تناول الشبهات ; فكان ذلك سببا لضعف دينه .
وربما مد يده إلى الحرام ، وارتكب الآثام ، فيكون ذلك سببا لهلاكه . وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني بإسناد حسن nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن أبي نجيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=6003من كان موسرا لأن ينكح ثم لم ينكح فليس مني } هذا حديث مرسل . وأبو نجيح تابعي واسمه يسار بالياء المثناة تحت وهو والد عبد الله بن أبي نجيح المكي . فدل على أن الفقير لا يذم على عدم الزواج . فالمؤمن إذا علم ضعفه عن الكسب اجتهد في التعفف عن النكاح وتقليل النفقة ، لا سيما في هذا الزمان ، الذي فقدنا فيه المعين والإخوان .
فلا بيت مال منتظم ; ولا خليل صادق المودة في ماله نتوسع ونحتكم . فليس للفقير الذليل من صديق ولا خليل إلا الصبر الجميل والتوكل على الله فإنه حسبنا ونعم الوكيل .
وقد كان nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد يتفقد أكابر العلماء . فقد بعث إلى nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بألف دينار . وإلى nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة بألف دينار . وأعطى عمار بن منصور ألف دينار [ ص: 411 ] وجارية بثلثمائة دينار . وما زال الزمان على هذا المنوال ; إلى أن آل الحال إلى انمحاق الرجال ; وصار أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع فالله المستعان .