الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
ولما نهى الناظم الفقير عن النكاح وهو يعلم أن شهوة الفرج شديدة ويحتاج إلى كسرها بنوع ما أرشده إلى nindex.php?page=treesubj&link=10800كسر الشهوة بالصوم فقال ( ولذ ) أي استتر واحتم من اللوذ بالشيء وهو الاستتار به كاللواز مثلثة واللياذ والملاوذة والملاذ الحصن أي تستر وتحصن ( بوجاء الصوم ) قال في النهاية : الوجاء أن ترض أنثيا الفحل رضا شديدا يذهب شهوة الجماع ، ويتنزل في قطعة الخصاء وقد وجيء وجاء فهو موجوء ، وقيل هو أن يوجأ العروق والخصيتان بحالهما ، والمراد أن الصوم يقطع النكاح . وإضافة الوجاء إلى الصوم في كلام الناظم من إضافة الصفة لموصوفها . أي ولذ بالصوم الذي هو وجاء .
وفي الصحيحين وغيرهما عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=43555يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء } قال في القاموس : والباءة والباء النكاح . وفي لفظ " عليكم بالباء " وذكر الحديث .
قال الإمام المحقق في روضة المحبين : وبين اللفظين فرق ، فإن الأول يقتضي أمر العزب بالتزويج ، والثاني يقتضي أمر المتزوج بالباءة ، والباءة اسم من أسماء الوطء . وقوله { nindex.php?page=hadith&LINKID=35770من استطاع منكم الباءة فليتزوج } فسرت الباءة بالوطء ، وفسرت بمؤن النكاح ولا ينافي التفسير الأول إذ المعنى على هذا مؤن الباءة ثم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=42969ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء } فأرشدهم إلى الدواء الشافي الذي وضع لهذا الأمر ، ثم نقلهم عنه عند العجز إلى البدل وهو الصوم فإنه يكسر شهوة النفس ويضيق عليها مجاري الشهوة ، فإنها تقوى بكثرة الغذاء ، وقل من أدمن الصوم إلا وماتت شهوته أو ضعفت انتهى ملخصا . [ ص: 412 ]
فإن فعلت ذلك ( تهد ) من اقتدى بك ( وتهتد ) أنت في نفسك إلى السبيل التي أرشد إليها الطبيب الرءوف الرحيم ، فإنه صلى الله عليه وسلم أعلم وأحكم وأرحم . فما أرشد إليه أقوم وأسلم والله أعلم .