الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              696 - حدثنا أبو العباس عبد الله بن عبد الرحمن ختن زكريا العسكري ، قال : حدثنا الحسن بن سلام ، قال : حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، قال : حدثنا حيوة ، قال : حدثني ابن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن بسر بن سعيد ، عن أبي قيس مولى عمرو بن [ ص: 560 ] العاص ، عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد . قال : فحدثت بهذا الحديث أبا بكر بن عمر بن حزم ، فقال : هكذا حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة .

              قال الشيخ : وكذلك اختلف الفقهاء من التابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين في فروع الأحكام وأجمعوا على أصولها، وتركت الاستقصاء على شرحها لطولها، فكل احتج بآية من الكتاب تأول باطنها واحتج من خالفه بظاهرها أو بسنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، كان صواب المصيب منهم رحمة ورضوانا وخطأه عفوا وغفرانا لأن الذي اختاره كل واحد منهم ليس بشريعة شرعها ولا سنة سنها وإنما هو فرع اتفق هو ومن خالفه فيه على الأصل كإجماعهم على وجوب غسل أعضاء الوضوء في الطهارة كما سماها الله في القرآن ، واختلافهم في المضمضة والاستنشاق فبعضهم ألحقها بالفرائض ، وألحقها الآخرون بالسنة .

              وكإجماعهم على المسح على الخفين واختلافهم في كيفيته ، فقال بعضهم : أعلاه وأسفله ، وقال آخرون : أعلاه دون أسفله ونظائر لهذا كثيرة ، كاختلافهم في ترجيع الأذان واختلافهم في التشهد وافتتاح الصلاة وتقديم أعضاء الطهور وأشباه لذلك كثيرة المصيب فيها مأجور والمخطئ غير مأزور وما فيهم مخطئ إن شاء الله . ولقد أخبر الله عز وجل في كتابه عن نبيين من أنبيائه بقضية قضيا جميعا فيها بقضاءين [ ص: 561 ] مختلفين فأثنى على المصيب وعذر المجتهد ثم جمعهما في الثناء عليهما ووصف جميل صنعه بهما فقال عز وجل :

              وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما .

              فأخبرنا عز وجل أن الذي فهم عين الإصابة من القضية أحدهما ، ثم أثنى عليهما .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية