الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              باب بيان الإيمان وفرضه وأنه تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح والحركات لا يكون العبد مؤمنا إلا بهذه الثلاث

              قال الشيخ : اعلموا رحمكم الله أن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه [ ص: 761 ] فرض على القلب المعرفة به والتصديق له ولرسله ولكتبه وبكل ما جاءت به السنة وعلى الألسن النطق بذلك والإقرار به قولا وعلى الأبدان والجوارح العمل بكل ما أمر به وفرضه من الأعمال لا تجزئ واحدة من هذه إلا بصاحبتها ولا يكون العبد مؤمنا إلا بأن يجمعها كلها حتى يكون مؤمنا بقلبه مقرا بلسانه عاملا مجتهدا بجوارحه ثم لا يكون أيضا مع ذلك مؤمنا حتى يكون موافقا للسنة في كل ما يقوله ويعمله متبعا للكتاب والعلم في جميع أقواله وأعماله وبكل ما شرحته لكم نزل به القرآن ومضت به السنة وأجمع عليه علماء الأمة فأما فرض المعرفة على القلب فما قاله الله عز وجل في سورة المائدة :

              يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم .

              [ ص: 762 ] وقال في سورة النحل : من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا . . الآية .

              وقال عز وجل : إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا .

              فهذا بيان ما لزم القلوب من فرض الإيمان لا يرده ولا يخالفه ويجحده إلا ضال مضل .

              وأما بيان ما فرض على اللسان من الإيمان فهو ما قال الله عز وجل في سورة البقرة :

              قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا . .

              وقال في سورة آل عمران : قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب . . إلى آخر الآية .

              وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وأني رسول الله .

              [ ص: 763 ]

              التالي السابق


              الخدمات العلمية