الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              1063 - حدثنا أبو شيبة عبد العزيز بن جعفر ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل بن البختري الواسطي ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله .

              وأما الإيمان بما فرضه الله عز وجل من العمل بالجوارح تصديقا لما أيقن به القلب ونطق به اللسان فذلك في كتاب الله تعالى يكثر على الإحصاء وأظهر من أن يخفى . قال الله عز وجل :

              يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون .

              وقال : وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة .

              في مواضع كثيرة من القرآن أمر الله فيها بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام شهر رمضان والجهاد في سبيله وإنفاق الأموال وبذل الأنفس في ذلك والحج بحركة الأبدان ونفقة الأموال فهذا كله من الإيمان والعمل به فرض لا يكون المؤمن إلا بتأديته وكل من تكلم بالإيمان وأظهر الإقرار بالتوحيد وأقر أنه مؤمن بجميع الفرائض غير أنه لا يضره تركها ولا يكون خارجا من إيمانه إذا هو ترك العمل بها في وقتها مثل الصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت مع الاستطاعة وغسل الجنابة ، ويرى أن صلاة [ ص: 764 ] النهار إن صلاها بالليل أجزأه وصلاة الليل إن صلاها بالنهار أجزأته وإنه إن صام في شوال أجزأه وإن حج في المحرم أو صفر أجزأه وإنه متى اغتسل من الجنابة لم يضره تأخيره ويزعم أنه مع هذا مؤمن مستكمل الإيمان عند الله على مثل جبريل وميكائيل والملائكة المقربين . فهذا مكذب بالقرآن مخالف لله ولكتابه ولرسله ولشريعة الإسلام ليس بينه وبين المنافقين الذين وصفهم الله تعالى في كتابه فرق ، قد نزع الإيمان من قلوبهم بل لم يدخل الإيمان في قلوبهم كما قال الله عز وجل فيهم :

              ولما يدخل الإيمان في قلوبكم .

              فكل من ترك شيئا من الفرائض التي فرضها الله عز وجل في كتابه أو أكدها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته - على سبيل الجحود لها والتكذيب بها - فهو كافر بين الكفر لا يشك في ذلك عاقل يؤمن بالله واليوم الآخر . ومن أقر بذلك وقاله بلسانه ثم تركه تهاونا ومجونا أو معتقدا لرأي المرجئة ومتبعا لمذاهبهم فهو تارك الإيمان ليس في قلبه منه قليل ولا كثير وهو في جملة المنافقين الذين نافقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل القرآن بوصفهم وما أعد لهم وإنهم في الدرك الأسفل من النار نستجير بالله من مذاهب المرجئة الضالة .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية