الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 452 ] 998 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله في الرهن : الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا ، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا .

6152 - حدثنا علي بن شيبة ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا زكريا بن أبي زائدة ، عن الشعبي .

عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا ، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا .

ولم يبين لنا في هذا الحديث من المقصود إليه بركوب الظهر ، ومن يشرب اللبن المذكورين فيه ، وقد حمله بعض الناس على أنه الراهن ، وهو الشافعي .

[ ص: 453 ] فأما من سواه من أهل العلم ، فحمله على خلاف ذلك ، فنظرنا هل روي في شيء من الحديث تبيانه من هو . ؟

6153 - فوجدنا أحمد بن داود قد حدثنا قال : حدثنا إسماعيل بن سالم الصائغ ، حدثنا هشيم ، عن زكريا ، عن الشعبي .

عن أبي هريرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا كانت الدابة مرهونة فعلى المرتهن علفها ولبن الدر يشرب ، وعلى الذي يشرب نفقتها ويركب .

[ ص: 454 ] فبين هذا الحديث المقصود بركوب الظهر وشرب لبن الدر ، وأنه المرتهن دون الراهن ، وهذا عندنا - والله أعلم - إذا كان أهل العلم [ ص: 455 ] جميعا على خلافه مع عدل رواته منسوخ ; لأنهم مأمونون على ما عملوا كما كانوا مأمونين على ما رووا ; لأنه لو لم يكن ذلك كذلك لسقط عدلهم ، وإذا سقط عدلهم سقطت روايتهم .

ومما يدل على أن ذلك كما ذكرنا ، وعلى أن النسخ قد طرأ على هذا الحديث أن فهدا قد حدثنا قال : حدثنا أبو نعيم ، حدثنا الحسن بن صالح ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي قال : لا ينتفع من الرهن بشيء .

[ ص: 456 ] فهذا الشعبي ، وعليه دار هذا الحديث قد قال : ما رويناه عنه في الحديث الأول ، فدل ذلك أنه لم يقله إلا وقد ثبت عنده نسخ ما في الحديث الأول ، ولما كان الله تعالى قد وصف الرهن في كتابه بما وصفه فيه فقال تعالى : فرهان مقبوضة ، دل ذلك أن المقبوض ما وقعت عليه يد مرتهنه ، وانتفت عنه يد راهنه ، وفي هذا كفاية .

وممن كان يمنع من ذلك كما ذكرنا أن لا يجعل للراهن ولا للمرتهن الانتفاع بالرهن فقهاء أهل الحجاز وفقهاء أهل العراق ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية