الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 360 ] 988 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول المؤذن في أذان الصبح : الصلاة خير من النوم هل ذلك فيما علمه صلى الله عليه وسلم أبا محذورة ، أو هو من سنة الأذان ، أو ليس من سنته ؟

6077 - حدثنا علي بن معبد ، حدثنا روح بن عبادة ، عن ابن جريج ، أخبرنا عثمان بن السائب ، عن أم عبد الملك بن أبي محذورة .

عن أبي محذورة : أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه في أول الصبح : الصلاة خير من النوم .

[ ص: 361 ]

6078 - وحدثنا علي بن معبد ، حدثنا الهيثم بن خالد بن يزيد ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن عبد العزيز بن رفيع قال : سمعت أبا محذورة يقول : كنت غلاما صبيا ، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : قل الصلاة خير من النوم .

[ ص: 362 ]

6079 - وحدثنا إبراهيم بن أبي داود ، حدثنا قيس بن حفص الدارمي ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، حدثني أبو الجراح المهري ، عن النعمان بن راشد ، عن عبد الملك بن أبي محذورة ، عن عبد الله بن محيريز .

عن أبي محذورة قال : لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ، وأراد أن يسير إلى حنين ، نزل البطحاء ، قال : فجئنا فأذنا ، قال : فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيل ، فأحاطت بنا ، فذهب بنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : أذنوا ، فأذنت ، فسمعت للجبل من صوتي صلصلة ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل قد أراد بك خيرا ، فكن مع عتاب بن أسيد فأذن له ، فإذا بلغت في الأذان : حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، قل : الصلاة خير من النوم ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله .

[ ص: 363 ] وهذا الحديث فمن أحسن ما يروى في هذا الباب ، وأبو الجراح الذي رواه اسمه النعمان بن أبي شيبة .

6080 - وحدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا سويد بن نصر ، أخبرنا عبد الله يعني ابن المبارك ، عن سفيان ، عن أبي جعفر ، عن أبي سلمان .

عن أبي محذورة قال : كنت أؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم ، فكنت أقول في أذان الفجر الأول : حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله [ ص: 364 ] .

6081 - وحدثنا أحمد ، حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا يحيى ، وعبد الرحمن قالا : حدثنا سفيان بهذا الإسناد نحوه ، قال عبد الرحمن : وليس بأبي جعفر الفراء .

ففيما ذكرنا عن أبي محذورة تحقيق " الصلاة خير من النوم " في الأذان للقوم .

6082 - وحدثنا علي بن شيبة ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا سفيان ، عن محمد بن عجلان ، عن نافع .

عن ابن عمر قال : كان في الأذان الأول بعد الفلاح : الصلاة خير من النوم .

[ ص: 365 ]

6083 - وحدثنا علي أيضا ، حدثنا يحيى بن يحيى .

6084 - وحدثنا ابن أبي داود ، حدثنا عمرو بن عون قالا : حدثنا هشيم ، عن ابن عون ، عن محمد .

عن أنس قال : ما كان التثويب إلا في صلاة الغداة إذا قال المؤذن : حي على الفلاح قال : الصلاة خير من النوم - مرتين .

6085 - وحدثنا هارون بن كامل ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثني الليث بن سعد ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب قال : أخبرني حفص بن عمر بن سعد المؤذن :

أن سعدا كان يؤذن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل قباء ، حتى انتقل [ ص: 366 ] به عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في خلافته ، فأذن له بالمدينة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فزعم حفص أنه سمع من أهله أن بلالا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذنه لصلاة الفجر بعدما أذن ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم نائما ، فنادى بلال بأعلى صوته : الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم ، فأقرت في تأذين الفجر ، ثم لم يزل الأمر على ذلك .

[ ص: 367 ] فكان تصحيح هذه الآثار مما قد يحتمل أن يكون ما كان من بلال متقدما لما في أحاديث أبي محذورة ، فصار من سنة الأذان ، ثم علم النبي صلى الله عليه وسلم أبا محذورة الأذان ، وذلك منه فعله إياه فيه ، ثم قد وكده وشده ما قد ذكرنا عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وهذه مسألة من الفقه مما يختلف أهله فيها : فطائفة منهم على ما في هذه الآثار ، وهم : فقهاء الحجاز ، وفقهاء العراق .

وطائفة على خلاف ذلك ، وهو ترك قوله : الصلاة خير من النوم ، وقد كان الشافعي ترك ذلك في أحد أقواله ، وأمر به في قول له آخر ، وكانت حجته في تركه إياه أنه ليس فيما كان النبي صلى الله عليه وسلم علمه أبا محذورة ، وقد روينا ذلك في هذا الباب من حديث أبي محذورة ، غير أنا لم نجده في رواية الشافعي له عمن رواه من أصحاب ابن جريج ، فقد ثبت بما قلنا وجوب استعمال : " الصلاة خير من النوم " على ما في هذه الآثار في أذان الصبح ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية