الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              5164 [ ص: 316 ] باب: لا تقوم الساعة، حتى تخرج نار من أرض الحجاز

                                                                                                                              وهو في النووي، في: (كتاب الفتن).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص30 ج18، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن أبي هريرة) رضي الله عنه؛ (أن رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ قال: "لا تقوم الساعة، حتى تخرج نار من أرض الحجاز، تضيء أعناق الإبل ببصرى" ).

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              "بصرى": بلد خوران، بينها وبين دمشق "مراحل".

                                                                                                                              وقد تواتر أنها خرجت: سنة "أربع وخمسين وستمائة". وقد استضاء بها: هضبات بصرى. وهي المسماة: "بأعناق الإبل".

                                                                                                                              و "الهضبة": الجبل المنبسط، على وجه الأرض.

                                                                                                                              وفي حديث "حذيفة"، عند مسلم: "تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم".

                                                                                                                              [ ص: 317 ] قال: وفي رواية: "نار تخرج من قعر عدن" .

                                                                                                                              وهذه النار الخارجة من قعر عدن، هي الحاشرة للناس. كما صرح به في الحديث.

                                                                                                                              قال النووي : جعل عياض "النار الخارجة من أرض الحجاز": حاشرة. قال عياض: ولعلهما ناران تجتمعان، لحشر الناس.

                                                                                                                              قال : أو يكون ابتداء خروجهما من اليمن. ويكون ظهورهما وكثرة قوتهما: بالحجاز. انتهى.

                                                                                                                              قال النووي : وليس في الحديث: أن "نار الحجاز" متعلقة بالحشر. بل هي آية من أشراط الساعة، مستقلة. وقد خرجت في زماننا: نار بالمدينة، سنة أربع وخمسين وستمائة -وكانت نارا عظيمة جدا-: من جنب المدينة الشرقي، وراء الحرة. تواتر العلم بها، عند جميع أهل [ ص: 318 ] الشام، وسائر البلدان. وأخبرني من حضرها: من أهل المدينة. انتهى.

                                                                                                                              قلت: الصحيح: أن هذين ناران؛ أحدهما: من أشراط القيامة الماضية. وهي ما في حديث الباب.

                                                                                                                              وأما النار الأخرى التي تخرج من اليمن، فهي -وإن كانت أيضا من آيات الساعة- لكنها تخرج بقرب من قيام الساعة جدا.

                                                                                                                              وقصة "نار المدينة": صحيحة، ثابتة لا ريب فيها: باتفاق أهل العلم، من أصحاب السير والتواريخ المعتبرة، المعتمدة عليها.

                                                                                                                              وقد ذكرناها في (حجج الكرامة)، مفصلة واضحة. وأشرنا إليها في (الإذاعة) في مطاوي ذكر "الفتن" الغابرة الماضية الخالية. وأيضا: قصتها محررة في (الإشاعة، لأشراط الساعة).

                                                                                                                              قال "الشيخ أبو الفلاح" في كتابه: (شذرات الذهب، في أخبار من ذهب): قيل: بقيت هذه النار ثلاثة أشهر. وكان نساء المدينة: يغزلن على ضوئها. وظن أهل المدينة: أنها القيامة. انتهى.

                                                                                                                              وذكرها القسطلاني، وغيره من المؤرخين: مفصلة، ومجملة.

                                                                                                                              وهي غير النار التي تخرج في آخر الزمان، تحشر الناس إلى محشرهم: بإذن الرحمن. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية