الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              5239 باب: ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة،خلق أكبر من الدجال

                                                                                                                              وهو في النووي، في الباب المشار إليه.

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص86 ج18، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن حميد بن هلال؛ عن رهط، منهم: أبو الدهماء، وأبو قتادة؛ قالوا: كنا نمر على هشام بن عامر -نأتي عمران بن حصين- فقال ذات يوم: إنكم لتجاوزوني إلى رجال، ما كانوا بأحضر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مني. ولا أعلم بحديثه، مني. سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: "ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة: خلق أكبر من الدجال" ).

                                                                                                                              [ ص: 478 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 478 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن حميد بن هلال، عن رهط؛ منهم: أبو الدهماء، وأبو قتادة؛ قالوا: كنا نمر على هشام بن عامر، فأتى عمران بن حصين) رضي الله عنه، (فقال ذات يوم: إنكم لتجاوزون إلى رجال، ما كانوا بأحضر لرسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم، مني. ولا أعلم بحديثه، مني. سمعت رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، يقول: "ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة: خلق أكبر من الدجال").

                                                                                                                              قال النووي : المراد: أكبر فتنة، وأعظم شوكة. انتهى.

                                                                                                                              قال عياض: هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره، في قصة الدجال: حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده، وأنه شخص بعينه: ابتلى الله به عباده، وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى -من إحياء الميت الذي يقتله، ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه، وجنته وناره ونهريه، واتباع كنوز الأرض له، وأمره السماء: أن تمطر، فتمطر. والأرض: أن تنبت، فتنبت- فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته، يعجزه الله بعد ذلك، فلا يقدر على قتل ذلك الرجل، ولا غيره. ويبطل أمره، ويقتله عيسى عليه السلام، ويثبت الله الذين آمنوا. هذا مذهب أهل السنة، وجميع المحدثين والفقهاء والنظار، -خلافا لمن أنكره وأبطل أمره (من الخوارج، والجهمية، وبعض المعتزلة)، وخلافا للنجاري المعتزلي

                                                                                                                              [ ص: 479 ] وموافقيه: من الجهمية وغيرهم- في أنه صحيح الوجود. ولكن الذي يدعي: مخارف وخيالات لا حقائق لها. وزعموا: أنه لو كان حقا، لم يوثق بمعجزات الأنبياء عليهم السلام. وهذا غلط من جميعهم، لأنه لم يدع النبوة، فيكون ما معه كالتصديق له. وإنما يدعي الإلهية، وهو في نفس دعواه مكذب لها: بصورة حاله، ووجود دلائل الحدوث فيه، ونقص صورته، وعجزه عن إزالة العور الذي في عينيه، وعن إزالة الشاهد بكفره: المكتوب بين عينيه.

                                                                                                                              ولهذه الدلائل وغيرها: لا يغتر به إلا رعاع من الناس لسد الحاجة والفاقة، رغبة في سد الرمق، أو تقية، أو خوفا من أذاه: لأن فتنته عظيمة جدا، تدهش العقول وتحير الألباب، مع سرعة مروره في الأمر، فلا يمكث بحيث (يتأمل الضعفاء حاله، ودلائل الحدوث فيه، والنقص)، فيصدقه من صدقه في هذه الحالة. ولهذا حذرت الأنبياء عليهم السلام من فتنته، ونبهوا على نقصه ودلائل إبطاله. وأما أهل التوفيق، فلا يغترون به، ولا يخدعون لما معه: لما ذكرنا من الدلائل المكذبة له، مع ما سبق لهم من العلم بحاله. ولهذا يقول له الذي يقتله ثم يحييه: ما ازددت فيك إلا بصيرة. هذا آخر كلام القاضي (رحمه الله).

                                                                                                                              [ ص: 480 ] وقد بسطت القول في هذا، في كتابي (حجج الكرامة).

                                                                                                                              قال المحاربي: ينبغي أن يدفع حديث الدجال إلى المؤدب، حتى يعلمه الصبيان في الكتاب. انتهى.

                                                                                                                              وقد ورد: أن من علامات خروجه: نسيان ذكره على المنابر. وهذه العلامة، قد صارت مشاهدة من زمن طويل، اللهم! احفظنا من جميع البليات.




                                                                                                                              الخدمات العلمية