الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              682 باب قراءة النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم : القرآن على الجن

                                                                                                                              وقال النووي - في الجزء الثاني - : (باب الجهر بالقراءة في الصبح ، والقراءة على الجن ) .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 168 - 170 ج4 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              [ ص: 623 ] (عن داود عن عامر ؛ قال : سألت علقمة : هل كان ابن مسعود شهد -مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم- ليلة الجن ؟

                                                                                                                              قال : فقال علقمة : أنا سألت ابن مسعود ؛ فقلت : هل شهد أحد منكم -مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم- ليلة الجن ؟ قال : لا . ولكنا كنا مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم -ذات ليلة- ففقدناه ، -فالتمسناه في الأودية ، والشعاب- ، فقلنا : استطير ، أو اغتيل .

                                                                                                                              قال : فبتنا بشر ليلة ، بات بها قوم .

                                                                                                                              فلما أصبحنا ، إذا هو جاء من قبل حراء . قال : فقلنا : يا رسول الله ! فقدناك ، فطلبناك ، فلم نجدك : فبتنا بشر ليلة ، بات بها قوم . فقال : «أتاني داعي الجن ، فذهبت معه ، فقرأت عليهم القرآن » .

                                                                                                                              قال : فانطلق بنا ، فأرانا آثارهم ، وآثار نيرانهم .

                                                                                                                              وسألوه : الزاد ، فقال : «لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه ، يقع في أيديكم -أوفر ما يكون لحما- ، وكل بعرة : علف لدوابكم » . فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : «فلا تستنجوا بهما ، فإنهما طعام إخوانكم » ) .


                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عامر ، هو الشعبي . قال : سألت ، علقمة : هل كان « ابن مسعود » شهد مع رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، ليلة [ ص: 624 ] الجن ؟ قال : فقال علقمة : أنا سألت « ابن مسعود » ، فقلت : هل شهد أحد منكم - مع رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم - ليلة الجن ؟ قال : لا ) .

                                                                                                                              قال النووي : هذا صريح في إبطال الحديث ، المروي في «سنن أبي داود » وغيره . المذكور فيه : الوضوء بالنبيذ ، وحضور ابن مسعود معه ، صلى الله عليه وآله وسلم «ليلة الجن » . فإن هذا الحديث : صحيح . وحديث النبيذ : ضعيف باتفاق المحدثين . ومداره على زيد «مولى عمرو بن حريث » وهو مجهول .

                                                                                                                              (ولكنا كنا مع رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم - ذات ليلة - ففقدناه ، فالتمسناه في الأودية والشعاب ، فقلنا : استطير ، أو اغتيل ) أي : طارت به الجن ، أو قتل سرا . «والغيلة » بكسر الغين : هي القتل في خفية .

                                                                                                                              (قال : فبتنا بشر ليلة ، بات بها قوم . فلما أصبحنا ، إذا هو جاء من قبل حراء . قال : فقلنا : يا رسول الله ! فقدناك فطلبناك فلم نجدك ، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم . فقال : «أتاني داعي الجن ، فذهبت معه ، فقرأت عليهم القرآن » ) . هذا «موضع الترجمة » ، من الباب .

                                                                                                                              (قال : فانطلق بنا ، فأرانا آثارهم ، وآثار نيرانهم ) .

                                                                                                                              قال الدارقطني : انتهى حديث « ابن مسعود » ، عند قوله : «نيرانهم » .

                                                                                                                              [ ص: 625 ] وما بعده : من قول الشعبي . كذا رواه أصحاب «داود » الراوي : عن الشعبي ، وابن علية ، وابن زريع ، وابن أبي زائدة ، وابن إدريس ، وغيرهم . هكذا قاله الدارقطني ، وغيره .

                                                                                                                              ومعنى قوله : «إنه من كلام الشعبي » : أنه ليس مرويا عن « ابن مسعود » بهذا الحديث ، وإلا فالشعبي لا يقول هذا الكلام : إلا بتوقيف عن النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم . والله أعلم .

                                                                                                                              (وسألوه : الزاد ، فقال : لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه ) . قال بعض العلماء : هذا لمؤمنيهم . وأما غيرهم ، فجاء في حديث آخر : أن طعامهم : «ما لم يذكر اسم الله عليه » .

                                                                                                                              (يقع في أيديكم - أوفر ما يكون لحما - . وكل بعرة : علف لدوابكم . فقال رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : «فلا تستنجوا بهما ، فإنهما طعام إخوانكم » ) .

                                                                                                                              وفي رواية أخرى ؛ (عن علقمة ، عن عبد الله ، قال : «لم أكن - ليلة الجن - مع النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم ، ووددت : أني كنت معه » ) .

                                                                                                                              وفيه : الحرص على مصاحبة أهل الفضل في أسفارهم ، ومهماتهم ، ومشاهدهم ، ومجالسهم : «مطلقا » والتأسف على فوات ذلك .




                                                                                                                              الخدمات العلمية