الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1343 باب فضل آية الكرسي

                                                                                                                              وقال النووي - في الجزء الثاني - : (باب فضل سورة الكهف ، وآية الكرسي ) .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 93 ج6 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              [ ص: 568 ] (عن أبي بن كعب ؛ قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : يا أبا المنذر ! أتدري أي آية -من كتاب الله- معك : أعظم ؟ » . قال : قلت : الله ورسوله أعلم .

                                                                                                                              قال : يا أبا المنذر ! أتدري أي آية -من كتاب الله- معك : أعظم ؟ » .

                                                                                                                              قال : قلت : الله لا إله إلا هو الحي القيوم

                                                                                                                              قال : فضرب في صدري ، وقال : «والله ! ليهنك العلم ، أبا المنذر ! » ) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي بن كعب ) رضي الله عنه ؛ (قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : «يا أبا المنذر ! أتدري أي آية - من كتاب الله - معك : أعظم ؟ » قلت : الله ورسوله أعلم . قال : «يا أبا المنذر ! أتدري أي آية - من كتاب الله - معك : أعظم ؟ » قال : قلت : الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) .

                                                                                                                              قال عياض : فيه حجة للقول : بجواز تفضيل بعض القرآن على بعض ، وتفضيله على سائر كتب الله تعالى .

                                                                                                                              قال : وفيه خلاف للعلماء ؛ فمنع منه : أبو الحسن الأشعري ، [ ص: 569 ] وأبو بكر الباقلاني ، وجماعة من الفقهاء والعلماء . لأن تفضيل بعضه ، يقتضي : نقص المفضول . وليس في كلام الله نقص . وتأول هؤلاء ما ورد : من إطلاق «أعظم » و «أفضل » ، - في بعض الآيات والسور - بمعنى : عظيم ، وفاضل .

                                                                                                                              وأجاز ذلك إسحاق بن راهويه ، وغيره : من العلماء ، والمتكلمين ؛ قالوا : وهو راجع إلى عظم قارئ ذلك ، وجزيل ثوابه .

                                                                                                                              قال النووي : والمختار : جواز قول هذه الآية ، أو السورة : أعظم وأفضل . بمعنى أن الثواب المتعلق بها : أكثر . وهو معنى الحديث . والله أعلم . انتهى .

                                                                                                                              وأقول : لا شك أن رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : تكلم بلفظة «أعظم ، وأفضل » في حق بعض الآي والسور . فما لنا ، والاحتراز من النطق به ؟ وكون بعضها ، أعظم وأفضل من بعض آخر : لا يستلزم نقصه . وإنما المراد : أن هذا أفضل ، وذاك مفضول . وهو أعظم ، وهذا عظيم . والله أعلم .

                                                                                                                              قال العلماء : إنما تميزت آية الكرسي «بكونها أعظم » : لما جمعت من أصول الأسماء والصفات : من الإلهية ، والوحدانية ، والحياة ، والعلم ، والملك ، والقدرة ، والإرادة . وهذه السبعة : أصول الأسماء الحسنى ، والصفات العليا .

                                                                                                                              [ ص: 570 ] قال الشوكاني : وفي الحديث : دليل على أن آية الكرسي «أعظم آية في القرآن » . وقد ثبت في الصحيح : أنه «لا يقرب قاريها : شيطان » كما في حديث أبي هريرة ، وأبي أيوب . وكلاهما في الصحيح ، في قصة الشيطان ، الذي جاء يسرق التمر .

                                                                                                                              [ ص: 571 ] وفي حديث « أبي هريرة » عند ابن حبان ، وصححه ؛ يرفعه : « لكل شيء سنام ؛ وإن سنام القرآن : سورة البقرة ؛ فيها آية ، هي سيدة آي القرآن . وأخرجه « الترمذي » من هذا الوجه - بهذا اللفظ - وقال : غريب . وأخرجه الحاكم «أيضا » من حديثه ؛ بلفظ : « سورة البقرة ، فيها آية سيدة آي القرآن ، ولا تقرأ في بيت - وفيه شيطان - إلا خرج منه : آية الكرسي » . وقال : صحيح الإسناد .

                                                                                                                              قال الشوكاني : وفي إثبات السيادة لهذه الآية على جميع آيات [ ص: 572 ] القرآن : شرف عظيم ؛ فإن سيد القوم ، لا يكون إلا : أشرفهم خصالا ، وأكملهم حالا ، وأكثرهم جلالا . انتهى . وفي فضائلها أحاديث أخرى ، ذكرها في «تحفة الذاكرين » .

                                                                                                                              (قال : فضرب في صدري ، وقال : «ليهنك العلم ، يا أبا المنذر ! ) .

                                                                                                                              فيه : منقبة عظيمة « لأبي بن كعب » ، ودليل على كثرة علمه .

                                                                                                                              وفيه : تبجيل العالم : فضلاء أصحابه ، وتكريمهم . وجواز : مدح الإنسان في وجهه - إذا كان فيه مصلحة - ولم يخف عليه : إعجاب ونحوه ، لكمال نفسه ، ورسوخه في التقوى .




                                                                                                                              الخدمات العلمية