الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1329 باب في الماهر بالقرآن والذي يشتد عليه

                                                                                                                              وهو في النووي ، في : (الباب المتقدم ) .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 84 ج 6 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              عن عائشة ؛ قالت : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : «الماهر بالقرآن : مع السفرة الكرام البررة .

                                                                                                                              والذي يقرأ القرآن ، ويتتعتع فيه -وهو عليه شاق- : له أجران » ) .


                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عائشة رضي الله عنها ؛ قالت : قال رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : «الماهر بالقرآن : مع السفرة الكرام البررة . والذي يقرأ القرآن ، ويتتعتع فيه - وهو عليه شاق - : له أجران » ) .

                                                                                                                              [ ص: 592 ] وفي رواية أخرى : «وهو يشتد عليه ، له أجران » .

                                                                                                                              قال النووي : «السفرة » جمع «سافر » : ككاتب ، وكتبة . «والسافر » : الرسول . «والسفرة » : الرسل ؛ لأنهم يسفرون إلى الناس : برسالات الله . وقيل : «السفرة » : الكتبة .

                                                                                                                              «والبررة » : المطيعون . من البر ، وهو الطاعة .

                                                                                                                              «والماهر » : الحاذق ، الكامل الحفظ ، الذي لا يتوقف ولا يشق عليه القراءة : لجودة حفظه ، وإتقانه .

                                                                                                                              قال عياض : يحتمل أن يكون معنى كونه مع الملائكة : أن له في الآخرة منازل ، يكون فيها رفيقا للملائكة السفرة ، لاتصافه بصفتهم : من حمل كتاب الله تعالى .

                                                                                                                              قال : ويحتمل : أن يراد أنه عامل بعملهم ، وسالك مسلكهم .

                                                                                                                              وأما الذي يتتعتع فيه : فهو الذي يتردد في تلاوته ، ولضعف حفظه .

                                                                                                                              فله أجران ؛ أجر بالقراءة ، وأجر بتتعتعه في تلاوته ، ومشقته .

                                                                                                                              قال عياض ، وغيره من العلماء : وليس معناه الذي يتتعتع عليه : له من الأجر أكثر من الماهر به . بل الماهر أفضل ، وأكثر أجرا ؛ لأنه مع السفرة ، وله أجور كثيرة . ولم يذكر هذه المنزلة لغيره : وكيف يلحق به : «من لم [ ص: 593 ] يعتن : بكتاب الله تعالى وحفظه وإتقانه ، وكثرة تلاوته ، وروايته » كاعتنائه ، حتى مهر فيه ؟ . والله أعلم . انتهى .

                                                                                                                              قلت : «وحديث الباب هذا » : أخرجه أيضا البخاري ، وأهل السنن .

                                                                                                                              قال الشوكاني : «التتعتع » هو التردد في قراءته ، لضعف حفظه ، أو لثقل لسانه . فهذا يعطى أجرين ؛ أحدهما : بالقراءة ، والآخر : بالمشقة الحاصلة عليه ، من التردد في التلاوة .

                                                                                                                              وأما الماهر : فأجره عظيم ، صار به مع الملائكة المقربين . وذلك أجر لا يشبهه أجر ، ورتبة لا تماثلها رتبة . انتهى .

                                                                                                                              وهذا مثل ما تقدم من النووي ، «رحمه الله تعالى » .




                                                                                                                              الخدمات العلمية