الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1337 باب في قراءة القرآن ، وسورة البقرة ، وآل عمران

                                                                                                                              وقال النووي - في الجزء الثاني - : (باب فضل قراءة القرآن ، وسورة البقرة ) .

                                                                                                                              [ ص: 564 ] (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 89 ، 90 ج6 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن زيد ؛ أنه سمع أبا سلام ، يقول : حدثني أبو أمامة الباهلي ؛ قال : سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ؛ يقول : «اقرءوا القرآن ، فإنه يأتي -يوم القيامة- شفيعا لأصحابه .

                                                                                                                              اقرءوا الزهراوين : البقرة ، وسورة آل عمران ، فإنهما تأتيان -يوم القيامة- كأنهما غمامتان . أو كأنهما غيايتان . أو كأنهما فرقان : من طير صواف : تحاجان عن أصحابهما .

                                                                                                                              اقرءوا سورة البقرة ؛ فإن أخذها : بركة . وتركها : حسرة . ولا تستطيعها : البطلة » .


                                                                                                                              قال معاوية : بلغني أن البطلة : السحرة ) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي أمامة الباهلي ) ، رضي الله عنه ؛ (قال : سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : يقول : اقرأوا القرآن ؛ فإنه يأتي - يوم القيامة - شفيعا لأصحابه ) .

                                                                                                                              في هذا : دليل على أن القرآن الكريم : يشفع لأصحابه ؛ وهم التالون له . ولهذا : أمر صلى الله عليه وآله وسلم : بقراءته .

                                                                                                                              [ ص: 565 ] وأخرج « ابن حبان » في صحيحه من حديث « جابر » مرفوعا : « القرآن شافع مشفع ، وماحل مصدق . من جعله أمامه : قاده إلى الجنة ، ومن جعله خلف ظهره : ساقه إلى النار » .

                                                                                                                              (اقرأوا الزهراوين : البقرة ، وسورة آل عمران ) . قالوا : سميتا «الزهراوين » : لنورهما ، وهدايتهما ، وعظيم أجرهما .

                                                                                                                              وفيه : جواز قول سورة آل عمران ، وسورة النساء ، وسورة المائدة ، وشبهها . ولا كراهة في ذلك .

                                                                                                                              وكرهه : بعض المتقدمين ، وقال : إنما يقال : السورة التي يذكر فيها آل عمران .

                                                                                                                              والصواب : الأول . وبه قال الجمهور ، لأن المعنى معلوم .

                                                                                                                              (فإنهما يأتيان - يوم القيامة - كأنهما غمامتان . أو كأنهما غيايتان ) .

                                                                                                                              قال أهل اللغة : «الغمامة ، والغياية » : كل شيء أظل الإنسان - فوق رأسه - من سحابة وغبرة ، وغيرهما .

                                                                                                                              والمراد بالغمامتين : السحابتان . وإنما سمي غمامة : لأنه يغم السماء ، أي : يستره .

                                                                                                                              [ ص: 566 ] قال العلماء : المراد أن ثوابهما يأتي ، كغمامتين . (أو كأنهما ، فرقان ) بكسر الفاء ، وإسكان الراء . وفي رواية أخرى : «كأنهما حزقان » بكسر الحاء ، وإسكان الزاي .

                                                                                                                              ومعناهما : واحد . وهما : قطيعان ، وجماعتان . يقال في الواحد : «فرق ، وحزق ، وحزيقة » أي : جماعة . (من طير صواف ) أي : باسطات أجنحتها ، حال طيرانها (تحاجان عن أصحابهما ) أي : تقيمان الحجة لهم ، وتجادلان عنهم . وصاحبهما : «هو المستكثر من قراءتهما » .

                                                                                                                              وظاهر الحديث : أنهما يتجسمان ، حتى يكونا كأحد هذه الثلاثة التي شبههما صلى الله عليه وآله وسلم بها . ثم يقدرهما الله تعالى : على النطق بالحجة . قال الشوكاني : وذلك غير مستبعد من قدرة القادر القوي ، الذي يقول للشيء : «كن ، فيكون » .

                                                                                                                              وفي الباب : أحاديث كثيرة ، طيبة .

                                                                                                                              (اقرأوا سورة البقرة ؛ فإن أخذها : بركة . وتركها : حسرة . ولا تستطيعها : البطلة . قال معاوية : بلغني أن البطلة : السحرة ) .

                                                                                                                              [ ص: 567 ] «والبطلة » : بفتح الباء ، والطاء ، واللام . يقال : «أبطل » إذا جاء بالباطل . وقيل : هم الشجعان من أهل الباطل .

                                                                                                                              وعلى كل حال ؛ إذا لم يستطعها أهل الباطل ، فقد استطاعها : أهل الحق ، وهم التالون لكتاب الله .

                                                                                                                              وفي حديث « أبي سعيد » عند الترمذي : «من شغله القرآن عن ذكري ، ومسألتي : أعطيته أفضل مما أعطي السائلين . وفضل كلام الله على سائر الكلام : فضل الله على خلقه » .

                                                                                                                              والحديث دليل : على أن المشتغل بالقرآن - تلاوة ، وتفكرا وقاريه ليلا ونهارا : يجازيه الله : بأفضل جزاء ، ويثيبه : بأعظم إثابة .




                                                                                                                              الخدمات العلمية