الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
2781 - "أوحى الله إلى إبراهيم : يا خليلي؛ حسن خلقك؛ ولو مع الكفار؛ تدخل مداخل الأبرار ؛ فإن كلمتي سبقت لمن حسن خلقه أن أظله في عرشي؛ وأن أسكنه حظيرة قدسي؛ وأن أدنيه من جواري"؛ الحكيم ؛ (طس)؛ عن أبي هريرة ؛ (ض) .

التالي السابق


(أوحى الله - تعالى - إلى إبراهيم : يا خليلي) ؛ أي: يا صديقي؛ فيا له من خطاب؛ ما أشرفه! ( حسن خلقك) ؛ بضم اللام؛ مع سائر الأنام ؛ (ولو مع الكفار) ؛ فإنك إن فعلت ذلك؛ (تدخل مداخل الأبرار) ؛ أي: الصادقين الأتقياء؛ الذين أحسنوا طاعة مولاهم؛ تحروا محابه؛ وتوقوا مكارهه؛ (فإن كلمتي سبقت لمن حسن خلقه أن أظله في عرشي) ؛ أي: في ظل عرشي؛ يوم لا ظل إلا ظله؛ (وأن أسكنه حظيرة قدسي) ؛ أي: جنتي؛ وأصل الحظيرة موضع يحاط عليه؛ لتأوي إليه الإبل والغنم؛ يقيها نحو برد وريح؛ (وأن أدنيه من جواري) ؛ بكسر الجيم؛ وضمها؛ والكسر أفصح؛ أي: أقربه مني؛ يقال: "جاوره؛ مجاورة؛ وجوارا"؛ إذا لاصقه في المسكن؛ وقد امتثل هذا السيد الجليل أمر ربه؛ فبلغ من حسن الخلق؛ وكمال الدربة؛ ما لم يبلغه أحد سواه؛ إلا ما كان من ولده؛ نبينا؛ انظر حين أراد أن ينصح أباه؛ ويعظه فيما كان متورطا فيه من الخطإ العظيم؛ والزيغ الشنيع؛ الذي عصى أمر العقل؛ وانسلخ من قضية التمييز والغباوة؛ التي ليس بعدها شيء؛ كيف رتب الكلام معه في أحسن اتساق؛ وساقه في أرشف مساق؛ مع استعماله الملاطفة والمجاملة والرفق واللين والأدب الجميل؛ وكمال حسن الخلق؛ منتصحا في ذلك بنصيحة ربه؛ مسترشدا بإرشاده.

(تنبيه) :

قال الراغب : التخلق والتشبيه بالأفاضل ضربان : محمود؛ وهو ما كان على سبيل الارتياض والتدرب؛ على الوجه الذي ينبغي؛ وبالمقدار الذي ينبغي؛ ومذموم؛ وهو ما كان رياء وتصنعا؛ ويتحراه فاعله ليذكر به؛ ويسمى تصنعا؛ وتشيعا؛ ولا ينفك صاحبه من اضطراب يدل على تشيعه.

(فائدة) :

قال العارف ابن عربي : ينبغي لطالب مقام الخلة أن يحسن خلقه لجميع الخلق؛ مؤمنهم؛ وكافرهم؛ طائعهم؛ وعاصيهم؛ وأن يقوم في العالم مقام الحق فيهم؛ فإن المرء على دين خليله؛ من شمول الرحمة؛ وعموم لطائفه؛ من حيث لا يشعرهم أن ذلك الإحسان منة؛ فمن عامل الخلق بهذه الطريقة صحت له الخلة؛ وإذا لم يستطع بالظاهر؛ لعدم الموجود؛ أمدهم بالباطن؛ فيدعو لهم بينه وبين ربه؛ وهكذا حال الخليل؛ فهو رحمة كله.

( الحكيم ) ؛ الترمذي ؛ عن أبي هريرة ؛ قال الزيلعي : وهذا معضل؛ (طس؛ عن أبي هريرة ) ؛ وضعفه المنذري ؛ ولم يوجهه؛ وقال الهيثمي : فيه مؤمل بن عبد الرحمن ؛ وهو ضعيف.




الخدمات العلمية