الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3816 - "الحسب المال؛ والكرم التقوى" ؛ (حم ت هـ ك)؛ عن سمرة ؛ (ح) .

التالي السابق


(الحسب المال؛ والكرم التقوى) ؛ أي: الشيء الذي يكون فيه الإنسان عظيم القدر عند الناس هو المال؛ والذي يكون به عظيما عند [ ص: 413 ] الله هو التقوى؛ والتفاخر بالآباء ليس واحدا منهما؛ فلا فائدة له؛ أو المراد أن الغنى يعظم ما لا يعظم الحسب؛ فكأنه لا حسب إلا المال؛ وأن الكريم هو المتقي؛ لا من يجود بماله ويخاطر بنفسه ليعد جوادا شجاعا؛ وقيل: أصل الكرم كثرة الخير؛ فلما كان المتقي كثير الخير؛ كثير العوائد والفوائد في الدنيا؛ وله الدرجات العلى في العقبى؛ كان أعم الناس كرما؛ فكأنه لا كرم إلا التقوى ؛ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ؛ وقال الزمخشري : "الحسب": ما يعده من مآثره ومآثر آبائه؛ فالمراد أن الفقير ذا الحسب لا يوقر؛ ولا يحتفل به؛ ومن لا حسب له إذا أثري جل في العيون؛ أهـ؛ وقال العامري في شرح الشهاب: أشار بالخبر إلى أن الحسب الذي يفتخر به أبناء الدنيا اليوم: المال ؛ فقصد ذمهم بذلك؛ حيث أعرضوا عن الأحساب الخفية ومكارم الأخلاق الدينية؛ ألا ترى أنه أعقبه بقوله: "والكرم التقوى"؛ والتقوى تشمل المكارم الدينية؛ والشيم المرضية؛ التي فيها شرف الدارين.

(تنبيه) :

قال الراغب : المال إذا اعتبر بكونه أحد أسباب الحياة الدنيوية؛ فهو عظيم الخطر؛ وإذا اعتبر سائر المقتنيات؛ فهو صغير الخطر؛ إذ هو أحسن المقتنيات؛ فالمال من الخيرات المتوسطة؛ لأنه كما يكون سببا للخير؛ قد يكون سببا للشر؛ لكن لما كان غالبا يوجب كرامة أصحابه؛ وتعظيم أربابه؛ حتى صدق القائل:


الناس أعداء لكل مدقع صفر اليدين وإخوة للمكثر

وحتى قيل: رأيت ذا المال مهيبا؛ وأستصوب قول طلحة في دعائه:

اللهم ارزقني مجدا ومالا؛ ولا يصلح المجد إلا بالمال؛ ولا المال إلا بالمجد؛ ونظمه المتنبي فقال:


فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله ولا مال في الدنيا لمن قل مجده



(حم ت) ؛ في التفسير؛ (هـ) ؛ في الزهد؛ (ك) ؛ في النكاح؛ (عن سمرة ) ؛ ابن جندب ؛ وقال الترمذي : صحيح؛ أهـ؛ وقال الحاكم : على شرط البخاري ؛ وأقره الذهبي ؛ لكن قيل: إنه من حديث الحسن ؛ عن سمرة ؛ وقد تكلموا في سماعه منه.




الخدمات العلمية