الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3050 - "الأرواح جنود مجندة؛ فما تعارف منها ائتلف؛ وما تناكر منها اختلف" ؛ (خ)؛ عن عائشة ؛ (حم م د)؛ عن أبي هريرة ؛ (طب)؛ عن ابن مسعود ؛ (صح) .

التالي السابق


( الأرواح) ؛ التي تقوم بها الأجساد؛ (جنود مجندة ) ؛ أي: جموع متجمعة؛ وأنواع مختلفة؛ (فما تعارف) ؛ توافق في الصفات؛ وتناسب في الأخلاق؛ (منها؛ ائتلف) ؛ أي: ألف قلبه قلب الآخر؛ وإن تباعدا؛ كما يقال: "ألوف مؤلفة"؛ و"قناطير مقنطرة"؛ (وما تناكر منها) ؛ أي: لم يتوافق؛ ولم يتناسب؛ (اختلف) ؛ أي: نافر قلبه قلب الآخر؛ وإن تقاربا جسدا؛ فالائتلاف؛ والاختلاف للقلوب والأرواح البشرية التي هي النفوس الناطقة؛ مجبولة على ضرائب مختلفة؛ وشواكل متباينة؛ فكل ما تشاكل منها في عالم الأمر؛ تعارف في عالم الخلق؛ وكل ما كان في غير ذلك في عالم الأمر؛ تناكر في عالم الخلق؛ فالمراد بالتعارف: ما بينهما من التناسب؛ والتشابه؛ وبالتناكر: ما بينهما من التباين والتنافر؛ وذلك لأنه - سبحانه - عرف ذاته للأرواح [ ص: 175 ] بنعوته؛ فعرفها بعض بالقهر والجلال؛ وبعض باللطف والجمال؛ وبعض بصفات أخر؛ ثم استنطقها بقوله: ألست بربكم ؛ ثم أوردها في الأبدان؛ فالتعارف؛ والتنافر؛ يقع بحسب ذلك؛ والتعارف؛ والتناكر؛ بحسب الطباع التي جبل عليها؛ من خير؛ وشر؛ وكل شكل يميل إلى شكله؛ فالتعارف؛ والتناكر؛ من جهة المناسبة المحكمة بين الفريقين؛ فيميل الطيب للطيب؛ والخبيث للخبيث؛ ويألفه؛ ومنشأ ذلك أحكام التناسب؛ ولهذا قال الشافعي : العلم جهل عند أهل الجهل؛ كما أن الجهل جهل عند أهل العلم؛ حكى الشيرواني أن تمرلنك كان يحب رجلا من معتقدي العجم؛ ويتردد إليه؛ فوجد الرجل في قلبه ميلا لتمرلنك ؛ فتخوف؛ وقال: ما المناسبة؟ فمنع تيمورا من دخوله عليه؛ فسأله عن سببه؛ فذكر ما خطر له؛ فقال تمرلنك : بيني وبينك مناسبة؛ وهي أنك تحب بيت آل النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وأنا والله أحبهم؛ وأنت رجل كريم؛ وأنا أحب الكرم؛ فهذه المناسبة المقتضية للميل؛ لا ما في من الشر؛ وقد يتفق اجتماع مادتي الخبيث والطيب في شخص واحد؛ فيصدران منه؛ ويميل لكل منهما بكل من الوصفين.

(نكتة) : حكى بعضهم أن اثنين اصطحبا في سفينة؛ فقعد أحدهما على طرفها؛ والآخر بوسطها؛ فسقط من على الطرف في البحر؛ فرمى الآخر نفسه عليه؛ فأخرجا بالحياة؛ فقال الأول للثاني: أنا كنت بطرفها؛ فوقعت؛ فما لك أنت؟ قال: لما وقعت أنت؛ غبت بك عني؛ فحسبت أنك أني.

(خ) ؛ في بدء الخلق؛ (عن عائشة ) ؛ لكن معلقا؛ ولم يصل به سنده؛ كما قاله عبد الحق وغيره؛ فإطلاق المصنف العزو إليه غير سديد؛ (حم م) ؛ في الأدب؛ (د؛ عن أبي هريرة ؛ طب؛ عن ابن مسعود ) ؛ قال الهيثمي : رجال الطبراني رجال الصحيح.




الخدمات العلمية