الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
2817 - "أول شيء يأكله أهل الجنة؛ زيادة كبد الحوت" ؛ ( الطيالسي )؛ عن أنس ؛ (صح) .

التالي السابق


(أول شيء) ؛ أي: أول مأكول؛ (يأكله أهل الجنة) ؛ في الجنة؛ إذا دخلوها؛ (زيادة كبد الحوت) ؛ وهي القطعة المنفردة عن الكبد؛ المتعلقة به؛ وهي أطيب الكبد؛ وألذه؛ وفي رواية: "من زائدة كبد الثور" ؛ أي: ثور الجنة؛ وحكمة خصوصية أكلهم منهما أنهما أساس الدنيا؛ لأنها مركبة على متن ثور؛ والثور على ظهر حوت؛ والحوت في الماء؛ ولا يعلم ما تحت الماء إلا الذي خلقه؛ فالأكل منهما إشارة إلى خراب الدنيا؛ وبشارة بفساد أساسها؛ وأمن العود إليها؛ وخص الأكل بالزائدة لما بينه الأطباء أن العلة إذا وقعت في الكبد؛ دون الزائدة؛ رجي برؤه؛ وإن وقعت في الزائدة؛ هلك العليل؛ لا محالة؛ فأكلهم من الزائدة أدخل في البشرى؛ أفاده ابن جماعة ؛ ثم هذه الأولية لا تدافع بينها وبين خبر: "إذا سكن [ ص: 87 ] أحدكم الجنة؛ أتاكم ملك؛ فيقول: إن الله يأمركم أن تزوروه..."؛ إلى أن قال: "ثم توضع مائدة الخلد..." ؛ الحديث؛ ما ذاك إلا لأنه لا مانع من أن زيادة الكبد توضع قبل تلك المائدة؛ وأن هذا جار على المألوف في الدنيا؛ من أنه بمجرد الذبح يعجل بالكبد؛ فتشوى؛ فيأكلها الحاضرون؛ حتى ينضج الطعام بعد.

( الطيالسي ) ؛ أبو داود ؛ (عن أنس ) ؛ قال: جاءت اليهود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: أخبرنا؛ ما أول ما يأكل أهل الجنة إذا دخلوها ؟ فذكره؛ وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير المكثرين؛ الذين وضع لهم الرموز؛ وهو عجيب؛ فقد خرجه الطبراني باللفظ المزبور؛ قال الهيثمي : ورجاله رجال الصحيح؛ غير إسماعيل بن بهرام ؛ وهو ثقة؛ بل رواه سلطان الفن البخاري ؛ بلفظ: "أول طعام يأكله أهل الجنة؛ زيادة كبد حوت؛ يأكل منه سبعون ألفا" ؛ انتهى؛ فعدول المصنف للطيالسي ؛ واقتصاره عليه؛ تقصير عجيب.




الخدمات العلمية