الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3197 - "البر حسن الخلق؛ والإثم ما حاك في صدرك؛ وكرهت أن يطلع عليه الناس" ؛ (خد م ت)؛ عن النواس بن سمعان ؛ (صح) .

التالي السابق


(البر) ؛ بالكسر؛ أي: الفعل المرضي؛ الذي هو في تزكية النفس كالبر في تغذية البدن؛ وقوله: "البر"؛ أي: معظمه؛ فالحصر مجازي؛ وضده: الفجور؛ والإثم؛ ولذا قابله به؛ وهو بهذا المعنى عبارة عما اقتضاه الشارع وجوبا؛ أو ندبا؛ و"الإثم": ما ينهى عنه؛ وتارة يقابل "البر"؛ بـ "العقوق"؛ فيكون هو الإحسان؛ و"العقوق": الإساءة؛ ( حسن الخلق ) ؛ أي: التخلق مع الخلق والخالق؛ والمراد هنا: المعروف؛ وهو طلاقة الوجه؛ وكف الأذى؛ وبذل الندى؛ وأن يحب للناس ما يحب لنفسه؛ وهو راجع لتفسير [ ص: 218 ] البعض له بأنه الإنصاف في المعاملة؛ والرفق في المجادلة؛ والعدل في الأحكام؛ والإحسان في العسر؛ واليسر؛ إلى غير ذلك من الخصال الحميدة؛ ( والإثم ما حاك) ؛ بحاء مهملة؛ وكاف؛ (في صدرك ) ؛ اختلج في النفس؛ وتردد في القلب؛ ولم يمازج نوره؛ ولم يطمئن إليه؛ (وكرهت أن يطلع عليه الناس) ؛ أي: وجوههم؛ أو أماثلهم؛ الذين يستحيا منهم؛ وحمله على العموم بعيد؛ والمراد بالكراهة هنا: الدينية؛ الخارمة؛ فخرج العادية؛ كمن يكره أن يرى آكلا؛ لنحو حياء؛ أو بخل؛ وغير الخارمة؛ كمن يكره أن يركب بين مشاة؛ لنحو تواضع؛ وإنما كان التأثير في النفس علامة للإثم لأنه لا يصدر إلا لشعورها بسوء عاقبته؛ وظاهر الخبر أن مجرد خطور المعصية إثم؛ لوجود الدلالة؛ ولا مخصص؛ وذا من جوامع الكلم؛ لأن البر كلمة جامعة لكل خير؛ والإثم جامع للشر ؛ وقال الحرالي : "الإثم": سوء اعتداء في قول؛ أو فعل؛ أو حال؛ ويقال للكذوب: "أثوم"؛ لاعتدائه بالقول على غيره.

(خد م) ؛ في الأدب؛ (ت) ؛ في الزهد؛ (عن النواس ) ؛ بفتح النون؛ وشد الواو؛ ( ابن سمعان ) ؛ بكسر المهملة؛ وفتحها؛ الكلابي ؛ قال: سأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الإثم والبر ؛ فذكره؛ واستدركه الحاكم ؛ فوهم؛ وعجب ذهول الذهبي عنه في اختصاره.




الخدمات العلمية