الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
2813 - "أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر ؛ والثانية على لون أحسن كوكب دري في السماء؛ لكل رجل منهم زوجتان؛ على كل زوجة سبعون حلة؛ يبدو مخ ساقها من ورائها"؛ (حم ت)؛ عن أبي سعيد ؛ (صح) .

التالي السابق


( أول زمرة ) ؛ بضم الزاي: طائفة؛ أو جماعة؛ و"الزمر": الأفواج المتفرقة؛ بعضها إثر بعض؛ (تدخل الجنة على صورة القمر) ؛ أي: على صورة مثل صورة القمر؛ (ليلة البدر) ؛ ليلة تمامه؛ وكماله؛ في الحسن والإضاءة؛ (والثانية) ؛ أي: التي تدخل عقبهم تكون؛ (على لون أحسن كوكب دري) ؛ بضم الدال؛ وكسرها؛ وراء؛ وياء؛ مشددتين؛ أي: مضيء متلألئ كالزهرة؛ في صفائها وزهرتها؛ منسوب إلى "الدر"؛ أو "فعيل"؛ من "الدرء"؛ بالهمزة؛ فإنه يدفع الظلام بضوئه؛ (في السماء) ؛ قال المحقق أبو زرعة : ورد في هذا المعنى ما يقتضي ما هو أبلغ من صورة القمر؛ فروى الترمذي مرفوعا: "لو أن رجلا من أهل الجنة اطلع؛ فبدت أساوره؛ لطمست ضوء الشمس؛ كما تطمس الشمس ضوء النجوم" ؛ وقد يقال: إنهم يكونون على صورة القمر عند دخولهم الجنة؛ ثم يزداد إشراق نورهم فيها؛ بدليل قوله: "لو أن رجلا..."؛ إلخ؛ أو يقال: المذكور هنا إشراق وجوههم من غير حلي؛ والمذكور ثم إشراق حليهم؛ بدليل قوله: "فبدت أساوره..."؛ فالزيادة للحلي؛ لا للوجود؛ (لكل رجل منهم زوجتان) ؛ في رواية: "اثنتان"؛ لتأكيد التكثير؛ قال الطيبي : ثناه للتكثير؛ نحو: ارجع البصر كرتين ؛ لا للتحديد؛ لخبر: "أدنى أهل الجنة؛ الذي له ثنتان وسبعون زوجة" ؛ فاعترض بأن تأكيد المثنى بـ "اثنتان"؛ ورجع ضمير التثنية إليه؛ يدل على أن القصد معنى الاثنينية؛ فلا يبعد أن يكون لكل زوجتان؛ موصوفتان بأن؛ (على كل زوجة) ؛ منهما؛ (سبعون حلة) ؛ يعني: حلل كثيرة جدا؛ فالعدد للتكثير؛ لا للتحديد؛ كنظائره؛ بحيث؛ (يبدو مخ ساقها من ورائها) ؛ زاد الطبراني : "كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء"؛ وهو كناية عن غاية لطافتهما؛ ويكون له سبعون لسن بهذا الوصف؛ ثم إن هذا اللفظ محتمل لكونهما من نساء الدنيا؛ أو الحور؛ ويؤيد الأول خبر أبي يعلى : "فيدخل الرجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة مما ينشئ الله؛ واثنتين من ولد آدم؛ لهما فضل على من أنشأ الله؛ بعبادتهما" ؛ وبعده؛ فلا تعارض بين ذا؛ وخبر: "أقل ساكني الجنة النساء" ؛ لأنهن في الجنة باعتبار الحور؛ وأقل ساكنيها نساء الدنيا؛ فنساء الدنيا أقل أهل الجنة؛ وأكثر أهل النار؛ كما شهدت به الأخبار.

(حم ت) ؛ وكذا الطبراني ؛ في الأوسط؛ (عن أبي سعيد ) ؛ الخدري ؛ وكذا ابن مسعود ؛ قال الترمذي : حسن صحيح؛ قال الهيثمي : إسناد ابن مسعود صحيح؛ وفي إسناد أبي سعيد عطية ؛ والأكثر على ضعفه؛ ثم إن صنيع المصنف يوهم أن ذا لم يتعرض أحد من الشيخين لتخريجه؛ وهو ذهول؛ فقد عزاه الديلمي وغيره إلى البخاري ؛ من حديث أبي هريرة ؛ بلفظ: "أول زمرة تدخل الجنة وجوههم على مثل القمر ليلة البدر؛ والثانية على مثل أضوإ كوكب في السماء؛ لكل رجل منهم زوجتان؛ يرى مخ ساقيهما من وراء الثياب؛ وما في الجنة عزب" ؛ أهـ؛ ثم رأيته كذلك في كتاب الأنبياء؛ وخلق آدم - عليه السلام - وفي مسلم ؛ في صفة الجنة؛ عدة أحاديث بنحوه؛ وليس في حديث الترمذي الذي آثره المصنف إلا زيادة عدد الحلل؛ وفي رواية البخاري زيادة نفي وجود الأعزب فيها.




الخدمات العلمية