3012 - ؛ وإن أبطأ عنها؛ فاتقوا الله؛ وأجملوا في الطلب؛ خذوا ما حل؛ ودعوا ما حرم"؛ "أيها الناس؛ اتقوا الله؛ وأجملوا في الطلب؛ فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها (هـ)؛ عن . جابر
وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى الْقَضَاءِ وَكَوْنِهِ بُؤْسُ اللَّبِيبِ وَطِيبُ عَيْشِ الْأَحْمَقِ
قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ : يَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الْمَطَالِبَ إِنَّمَا تَحْصُلُ وَتَسْهُلُ بِنَاءً عَلَى قِسْمَةِ قَسَّامٍ؛ لَا يُمْكِنُ مُنَازَعَتُهُ وَمُغَالَبَتُهُ؛ [ ص: 160 ] nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ ؛ وَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : قِيلَ لِبُزْرُجَمِهْرَ : تَعَالَ نَتَنَاظَرُ فِي الْقَدَرِ؛ قَالَ: "وَمَا أَصْنَعُ بِالْمُنَاظَرَةِ فِيهِ؟ رَأَيْتُ ظَاهِرًا دَلَّ عَلَى بَاطِنٍ؛ وَرَأَيْتُ أَحْمَقَ مَرْزُوقًا؛ وَعَالِمًا مَحْرُومًا؛ فَعَلِمْتُ أَنَّ التَّدْبِيرَ لَيْسَ لِلْعِبَادِ"؛ وَقَرَنَ ذَلِكَ بِالْأَمْرِ بِالتَّقْوَى؛ لِأَنَّهَا مِنَ الْأَوَامِرِ الْبَاعِثَةِ عَلَى جِمَاعِ الْخَيْرِ؛ إِذْ مَعَهَا تَنْكَفُّ النَّفْسُ عَنْ أَكْثَرِ الْمَطَالِبِ؛ وَتَرْتَدِعُ عَنِ الشَّهَوَاتِ؛ وَتَنْدَفِعُ عَنِ الْمَطَامِعِ؛ وَمِنْ ثَمَّ كَرَّرَ لَكَ؛ فَقَالَ؛ (فَاتَّقُوا اللَّهَ؛ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ) ؛ أَيْ: اطْلُبُوا الرِّزْقَ طَلَبًا رَفِيقًا؛ وَبَيَّنَ كَيْفِيَّةَ الْإِجْمَالِ بِقَوْلِهِ فِيهِ: ( خُذُوا مَا حَلَّ) ؛ لَكُمْ تَنَاوُلُهُ؛ (وَدَعُوا) ؛ أَيْ: اتْرُكُوا؛ (مَا حَرُمَ ) ؛ عَلَيْكُمْ أَخْذُهُ؛ وَمَدَارُ ذَلِكَ عَلَى الْيَقِينِ؛ فَإِنَّ الْمَرْءَ إِذَا عَلِمَ أَنَّ لَهُ رِزْقًا قُدِّرَ لَهُ؛ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ؛ عَلِمَ أَنَّ طَلَبَهُ لِمَا لَمْ يُقَدَّرْ؛ عَنَاءٌ لَا يُفِيدُ إِلَّا الْحِرْصَ وَالطَّمَعَ الْمَذْمُومَيْنِ؛ فَقَنِعَ بِرِزْقِهِ؛ وَالْعَبْدُ أَسِيرُ الْقُدْرَةِ؛ سَلِيبُ الْقَبْضَةِ؛ وَأَفْعَالُهُ تَبَعٌ لِفِعْلِ اللَّهِ بِهِ؛ فَإِنَّهَا إِنَّمَا تَكُونُ بِاللَّهِ؛ وَالْعَبْدُ مَصْرُوفٌ عَنْ نَظَرِهِ إِلَى أَفْعَالِهِ؛ مُعْتَرِفٌ بِعَجْزِهِ؛ مُقِرٌّ بِاضْطِرَارِهِ؛ عَالِمٌ بِافْتِقَارِهِ؛ وَالدُّنْيَا حِجَابُ الْآخِرَةِ؛ وَمَنْ كُشِفَ عَنْ بَصَرِ قَلْبِهِ؛ رَأَى الْآخِرَةَ بِعَيْنِ إِيقَانِهِ؛ وَمَنْ نَظَرَ إِلَى الْآخِرَةِ؛ زَهَدَ فِي الدُّنْيَا؛ إِذِ الْإِنْسَانُ حَرِيصٌ؛ وَالنَّفْسُ دَاعِيَةٌ؛ قِيلَ لِابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ: زَهِدْتَ فِي الدُّنْيَا؛ فَقَالَ: "إِنَّ لِي نَفْسًا تَوَّاقَةً؛ تَاقَتْ إِلَى أَعْظَمِ مَنَاصِبِ الدُّنْيَا؛ فَلَمَّا نَالَتْ؛ تَاقَتْ إِلَى مَنَاصِبِ الْآخِرَةِ .ومن الدليل على القضاء وكونه بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق
قال الفخر الرازي : يظهر أن هذه المطالب إنما تحصل وتسهل بناء على قسمة قسام؛ لا يمكن منازعته ومغالبته؛ [ ص: 160 ] nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32نحن قسمنا بينهم معيشتهم ؛ وقال nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : قيل لبزرجمهر : تعال نتناظر في القدر؛ قال: "وما أصنع بالمناظرة فيه؟ رأيت ظاهرا دل على باطن؛ ورأيت أحمق مرزوقا؛ وعالما محروما؛ فعلمت أن التدبير ليس للعباد"؛ وقرن ذلك بالأمر بالتقوى؛ لأنها من الأوامر الباعثة على جماع الخير؛ إذ معها تنكف النفس عن أكثر المطالب؛ وترتدع عن الشهوات؛ وتندفع عن المطامع؛ ومن ثم كرر لك؛ فقال؛ (فاتقوا الله؛ وأجملوا في الطلب) ؛ أي: اطلبوا الرزق طلبا رفيقا؛ وبين كيفية الإجمال بقوله فيه: ( خذوا ما حل) ؛ لكم تناوله؛ (ودعوا) ؛ أي: اتركوا؛ (ما حرم ) ؛ عليكم أخذه؛ ومدار ذلك على اليقين؛ فإن المرء إذا علم أن له رزقا قدر له؛ لا بد له منه؛ علم أن طلبه لما لم يقدر؛ عناء لا يفيد إلا الحرص والطمع المذمومين؛ فقنع برزقه؛ والعبد أسير القدرة؛ سليب القبضة؛ وأفعاله تبع لفعل الله به؛ فإنها إنما تكون بالله؛ والعبد مصروف عن نظره إلى أفعاله؛ معترف بعجزه؛ مقر باضطراره؛ عالم بافتقاره؛ والدنيا حجاب الآخرة؛ ومن كشف عن بصر قلبه؛ رأى الآخرة بعين إيقانه؛ ومن نظر إلى الآخرة؛ زهد في الدنيا؛ إذ الإنسان حريص؛ والنفس داعية؛ قيل لابن عبد العزيز لما ولي الخلافة: زهدت في الدنيا؛ فقال: "إن لي نفسا تواقة؛ تاقت إلى أعظم مناصب الدنيا؛ فلما نالت؛ تاقت إلى مناصب الآخرة .